يحصل إلَّا بجعل المناط والميزان في التغيّر وعدمه هو تغيّر اللون الذاتي للماء المكنون فيه المستور عن النظر وعدم تغيّره . فلو كان وقوع النجاسة بحيث أوجب تغيّر هذا اللون المكنون تنجّس الماء وإن منع من ظهور التغيّر غلبة اللون العرضي على الذاتي ، وإن كان بحيث لم يوجب ذلك لم يتنجس ، وإن فرض التغيّر في الوصف العرضي كما لو وقع في الماء المتلوّن بلون البقّم بول فصار صافيا ، وكذلك الكلام في طرف النجس ، وذلك بأن يفرض الوصف العرضي معدوما ، ويلاحظ في طرف هذا الفرض أنّ وصفها الذاتي المكنون هل هو موجب لتغيّر الماء أو لا ، فيحكم بالنجاسة على الأوّل وإن كان الوصف العرضي مانعا عن ظهور التغيّر ، وبالطهارة على الثاني وإن كان بوصفه العرضي مغيّرا . والحاصل أنّ التغيير وعدمه في جانب النجس ، والتغيّر وعدمه في جانب الماء يلحظان بالنسبة إلى الوصف المكنون دون الوصف العرضي . فبعد هذه المقدّمات يكون اعتبار التقدير في تلك الصور من باب الإلجاء ، أو نقول بأنّ العرف كما يرى بنظره المسامحي عين النجاسة بعد وقوعه في الماء فانيا منعدما ولونه منتقلا إلى الماء ، كذلك يرى للماء في آن واحد لونين أحدهما ظاهر والآخر مستور ، فالماء المتلوّن بالبقّم يكون له لونان عند العرف ، غاية الأمر أنّ أحدهما مستور بالآخر ، فالتغيّر ملحوظ على وجه التحقيق في لونه المستور . وكذا النجاسة التي طرأ عليها رائحة المسك لها رائحتان ، ريح عفن وهو مكنون فيه ، وريح حسن فيكون التغيير ملحوظا تحقيقا في ريحه الأوّل . ويشهد لذلك أنّه لو جزّي أجزاء البقم من أجزاء الماء بآلة فظهر لونه الذاتي