إنّما الكلام والإشكال في فرع ، وقع فيه التشاجر بين جمع من الأعلام ، وبين الشيخ المحقق المرتضى - قدس أسرارهم - ، وهو ما إذا تغيّر لون الماء بشيء طاهر يوافق لونه لون النجس ، ثم وقع فيه النجس ولم يظهر بسبب ذلك تغيير في الماء بحيث لو لم يتغيّر أولا بالطاهر لظهر التغيّر ، كما في مقدار من الدم مع شيء طاهر أحمر لو وقع الدم أوّلا تغيّر الماء بالدم ، ولو وقع الطاهر أوّلا تغيّر بالطاهر . فقطع بالنجاسة جمع من الأعلام مستندين إلى أنّ التغيّر التقديري معتبر هنا عند العرف ، بل صرّح بعضهم بأنّ التغيّر هنا تحقيقي ، غاية الأمر أنّه مستور عن الحسّ ، فالماء عند العرف واجد للونين ، أحدهما ظاهر وحاجب للآخر عن الحس ، ويكشف عنه أنّه لو أزيل اللون العارضي بعلاج كان لون الدم مثلا محسوسا في الماء . وخالفهم الشيخ المرتضى - قدّس سرّه - ، مستندا إلى أنّ التغيّر المجعول مناطا في الأخبار هو الفعلي ، فلا اعتبار بالتقديري بجميع أقسامه ، واللون المكتسب للماء لا يعقل أن يتغيّر بمماثله ، ألا ترى أنّ اللبن لا يصير أشدّ بياضا بوقوع اللبن فيه ، واللون الأصلي مفروض الزوال لعدم معقولية اجتماع لونين في جسم واحد . وبعبارة أخرى انتقال العرض وإن كان محالا فاللون المائي قائم بأجزاء الماء الغير المدركة بالحس واللون البقّمي أيضا قائم بأجزاء البقم المنتشرة ، وكذا لون الدم بالأجزاء الصغار ، إلَّا أنّ هذا بحسب الدقة العقلية ، وأمّا بحسب النظر المسامحي العرفي فعين البقّم والدم صار فانيا مضمحلَّا كما هو موضوع البحث في باب التغيّر ، والباقي إنّما هو الماء ولكن تخلَّف لون البقّم والدم فيه وزوال لون نفسه