الأوّل : أن يكون على وجه التنزيل الحكمي والتعبّد الصرف ، فقولك : هذا البعض ميّت بهذا المعنى بمنزلة قولك : حرام نجس ، كما يقال : « الطواف بالبيت صلاة » أي واجب ، وهذا مع كونه خلاف ظاهر الرواية يوجب الاقتصار على مورد النصّ أعني الصيد وعدم التخطَّي عن مورده أصلا ، لفرض أنّه تعبّد محض ، ووجه كونه خلاف ظاهر الرواية أنّه قد علَّل فيها النهي عن أكل البعض المقطوع بالحبالة بكونه ميتا ، ولو كان هذا المعنى مرادا يصير الكلام بمنزلة أن يقال : إنّه حرام لأنّه حرام ، فهذا المعنى غير مقصود من الرواية قطعا . والثاني : أن يكون من باب المجاز في الكلمة ، فإنّ الظاهر من كلمة « الميّت » وضعا أو انصرافا هو خصوص الحيوان الذي ذهب عنه الروح ، فاستعمل هنا في مطلق ما ذهب عنه الروح ، سواء كان حيوانا أم بعضا من الحيوان بعلاقة الخاص والعام ، وعلى هذا فيكون مضمون هذه الرواية هو الحكم بحرمة كلّ ما ذهب عنه الروح فيكون هنا عنوانان للحرمة والنجاسة ، أحدهما الميّت وقد دلّ عليه أدلَّته ، والثاني مطلق ما ذهب عنه الروح ودلَّت عليه هذه الرواية . والثالث : أن يكون ناظرا لدليل الميّت وحاكما ، بأنّ هذا البعض مصداق حقيقيّ للميّت الذي وقع في الأدلَّة موضوعا لأحكام ، فيكون هذا كاشفا عن وقوع التصرّف في ذاك الدليل ، وأنّ لفظ الميّت هناك قد استعمل في الأعمّ من الحيوان والبعض ، والظاهر من الرواية من هذين الوجهين هو الوجه الثاني . ألا ترى أنّه لو قيل : أكرم العالم ، وفرض أنّ لفظ العالم منصرف إلى خصوص الفقيه ثمّ قيل : أكرم هذا النحوي لأنّه عالم يكون القول الثاني ظاهرا في أنّ المراد بالعالم عين ما هو المراد من العالم الواقع في القول الأوّل ، وهذا القول الثاني مفاده