محمّد ومأمونا عندهما شديد الورع كثير العبادة ، وسعد بن عبد الله من الأشعريّين القميّين وقد كان شيخ الفقهاء ورئيس الشيعة ، وإذن فالرواية صحيحة . وهي ما عن أبي عبد الله - عليه السّلام قال : « إذا قطع من الرجل قطعة فهي ميتة فإذا مسّه إنسان فكلّ ما كان فيه عظم فقد وجب على من يمسه الغسل ، فإن لم يكن فيه عظم فلا غسل عليه » . [1] فالرجل فيها إمّا منصرف إلى الحيّ وإمّا أعمّ منه ومن الميّت ، وعلى أيّ حال يكون دليلا على المطلب وهو كون الأجزاء المبانة من الإنسان الحيّ بحكم الميّت ، وقد تقدّم الرواية الدالَّة على حرمة الأليات المقطوعة من الغنم الأحياء وعدم جواز الاستصباح بها ، معلَّلا بأنّه يصيب اليد والثوب وهو حرام ، وعرفت أنّ المتبادر من التعليل عرفا هو النجاسة وكون الحرمة وضعيّة . بقي الكلام في الجزء الميّت المتّصل بالحيّ قبل انفصاله وبعده ، فقد يقال : إنّه قبل الانفصال طاهر ، فإنّه جزء حيّ طاهر غير مفصول ، فقضيّة ما يدلّ على طهارة الحيّ طهارته ، فإنّه يدلّ على طهارة كلّ ما يعدّ جزء منه ، وهو قبل الانفصال كذلك ، وأمّا بعد الانفصال فلا دليل على نجاسته بعد ما عرفت من عدم صدق عنوان الميتة عليه لغة وليس ميتة تنزيليّة أيضا . وأمّا خبر أيّوب بن نوح الدالّ على تنزيل الشارع الجزء المقطوع من الإنسان الحيّ بمنزلة الميتة فهو منصرف إلى ما إذا كان سبب خروج الروح عن القطعة المقطوعة هو القطع ، فلا يشمل ما كان قبل القطع بلا روح ، وإذن فتكون الطهارة قبل الانفصال بالدليل وبعده بالأصل . وقد يقال بالنسبة إلى ما قبل الإبانة بالطهارة دون ما بعدها معلَّلا بأنّه قبل
[1] - الوسائل : ج 2 ، ب 2 ، من أبواب غسل المسّ ، ص 931 ، ح 1 .