كون الماء كرّا أو تغيّره ومن كون الحيوان ميتة إنّما يكون ثابتا في ماله نفس . ألا ترى أنّه لا يمكن الأخذ بإطلاقه في لفظ الماء للحكم بالنجاسة للماء الكثير ؟ وليس إلَّا لعدم كونه في مقام البيان من هذا الحيث ، وأنّ مفاده أنّ الماء في موضع ينجس والحيوان في حال يفسد وهو حال الموت ، فالإفساد في هذا الموضع مختص بالحيوان ذي النفس ، فيكون دليلا على نجاسة ميتة كلّ حيوان ذي نفس . وأصرح منه من حيث ذكر قيد الموت موثّقة عمّار عن أبي عبد الله - عليه السّلام - قال : سئل عن الخنفساء والذباب والجراد والنملة وما أشبه ذلك يموت في البئر والزيت والسمن وشبهه ؟ قال : « كلّ ما ليس له دم فلا بأس » [1] فإنّه صريح بمفهومه في نجاسة كلّ حيوان له دم . ومثلها : صحيحة ابن مسكان « كلّ شيء يسقط في البئر ليس له دم مثل العقارب والخنافس وأشباه ذلك فلا بأس » . [2] ومنها : الأخبار النافية لجميع الانتفاعات عن جلود الميتة ، فإنّه وإن كان لا ملازمة بين عدم جواز الانتفاع والنجاسة لإمكان أن يكون بعنوان كونه ميتة لا بعنوان كونه نجسا ، كعدم جواز الصلاة في جزء غير المأكول ، فإنّه بعنوان كونه غير مأكول ، غاية الأمر أنّه لم يجز خصوص لبسه في الصلاة بعنوانه مع جواز سائر الانتفاعات به ، وأمّا الميتة فكان جميع الانتفاعات به غير جائز بعنوانه مع كونه طاهرا ، والنجاسة أيضا أمر واقعيّ ليست عبارة عن الأحكام الخاصّة ، ولكنّ العرف ينتقل من عدم جواز جميع الانتفاعات إلى كون ذلك من جهة النجاسة
[1] - الوسائل : ج 2 ، ب 35 ، من أبواب النجاسات ، ص 1051 ، ح 1 . [2] - المصدر نفسه : ص 1052 ، ح 3 .