ويتّضح هذا غاية الإيضاح بملاحظة ما بعد ذلك وهو قوله : « أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ الله بِهِ » فإنّه معطوف على « ميتة » فإنّه يقرّب كون التعليل مختصّا باللحم لا راجعا إلى كلّ واحد ، وإلَّا لزم ذكره عقيب « فسقا » لصحّة نسبة الرجسيّة إلى الفعل المحرّم أيضا كنسبته إلى الميسر في قوله تعالى : « إِنَّمَا الْخَمْرُ والْمَيْسِرُ والأَنْصابُ والأَزْلامُ رِجْسٌ » [1] فيكون بالنسبة إلى الأعيان بمعنى النجاسة ، وبالنسبة إلى الأفعال بمعنى القباحة ، كما لو ذكر بدله لفظ « نجس » ، فعدم ذكره كذلك دليل على اختصاصه باللحم فليس دليلا على المطلوب . ومنها : قوله - عليه السّلام - في موثّقة غياث : « لا يفسد الماء إلَّا ما كانت له نفس سائلة » [2] ، فإنّ المراد بالإفساد سقوط الماء عن القابليّة للانتفاع بحسب الحكم الشرعي لا بحسب الاستعمال العرفي لحصول الكدورة فيه ، فإنّه ليس أمرا كان بيانه من وظيفة الشارع ، وكون المستثنى ، أعني : ما كان له نفس سائلة من سنخ الحيوان يدلّ على كون المستثنى منه حيوانا ، فيكون مفاده أنّه لا يفسد الماء شيء من الحيوانات إلَّا حيوان له نفس سائلة . والإشكال بأنّه لو دلّ على النجاسة لدلّ على نجاسة كلّ حيوان له نفس سائلة وإن كان حيّا ، لعدم ذكر قيد الموت فيه ، مدفوع بأنّ الرواية إنّما هو في مقام بيان أن ما يكون من الحيوانات مفسدا للماء منحصر في ماله نفس سائلة ، وأمّا غيره من سائر الحيوان فليس مفسدا ، وليس في مقام بيان كيفيّة إفساده وشروط حصوله ، فليس له إطلاق من هذا الحيث ، فمعناه أنّ إفساد الماء على شروطه وكيفيّته من عدم
[1] - المائدة : 90 . [2] - الوسائل : ج 2 ، ب 35 ، من أبواب النجاسات ، ص 1051 ، ح 2 .