ومن هنا علم ما في كلامه - دام ظلَّه - في هذا المقام من التفرقة في حكم طهارة البول والروث وحليّة أكل اللحم ، فحكم بنجاستهما وحرمته ، فإنّك عرفت عدم تماميّتها في شيء من الصورتين إذا أخذ حكم شرعي موضوعا لحكم شرعي آخر كما هنا ، حيث جعل موضوع جواز الصلاة في الجلد حليّة اللحم وموضوع عدم جوازها حرمته ، فكلّ ما حلّ أكل لحمه جاز الصلاة في جلده وسائر أجزائه ، وكلّ ما حرم أكل لحمه لم يجز الصلاة في أجزائه ، فإجزاء الصلاة وفسادها حكمان شرعيّان موضوعهما حليّة أكل اللحم وحرمته ، وهما أيضا حكمان شرعيّان . وكذا الكلام في طهارة البول والروث ونجاستهما ، فكلّ ما حلّ أكله طهر بوله وروثه ، وكلّ ما حرم أكله نجس بوله وروثه ، والطهارة والنجاسة أيضا حكمان شرعيّان موضوعهما حكمان شرعيان آخران ، فلا بدّ من ملاحظة دليل الحكم الذي أخذ الحكم الشرعي موضوعه وأنّ ما ذا يستفاد منه ، ففي المقام يلاحظ دليل تعليق إجزاء الصلاة في أجزاء الحيوان بحليّة أكله ، وعدم الإجزاء بحرمته . فإن كان الحليّة والحرمة المأخوذتان موضوعين في هذا الدليل أعمّ من الواقعتين والظاهريتين فالحليّة والحرمة الجائيتان من قبل الأصل - كما هنا حيث حكم في الصورة الأولى بالحلَّية من جهة أصالة الحلّ ، وفي الثانية بالحرمة من جهة أصالة عدم التذكية - مصداقان حقيقيّان لما هو الموضوع ، فيحكم في الصورة الأولى بطهارة البول والروث وإجزاء الصلاة في الأجزاء ، لتحقّق موضوعهما الحقيقي أعني : حليّة الأكل الظاهريّة ، وفي الثانية بنجاستهما وعدم الإجزاء كذلك . وإن كان المأخوذ في ذاك الدليل هو خصوص الحليّة الواقعيّة والحرمة الواقعيّة ، فالحال في الحكم المجعول موضوعا هو الحال في الموضوعات الخارجيّة