الجنابة وغيرها كثقب الأنف والأذن - يعني الثقب الذي يحدثونه فيهما - وباطن السرّة وموضع تطبيق الشفتين والجفنين حيث إنّ الظاهر من تجويز الارتماس مع عدم وصول الماء غالبا بمجرّده إلى المذكورات عدّها من البواطن ، مضافا إلى صدق الباطن عليها عرفا ، فيشملها ما دلّ على اختصاص الجنابة بالظاهر ولا يجنب الباطن ، ولم يصل مثل هذا الإطلاق في باب النجاسة ، وإنّما حكم بما حكم هنا من جهة بعض الأخبار ، أو من جهة الإجماع والسيرة ، أو من جهة انصراف أدلَّة أحكام النجاسة إلى غير المقام ، وإلَّا فليس هنا إطلاق يعتدّ به علَّق الحكم فيه على الباطن . نعم في الأخبار دلالة على حصر ما يجب غسله عند الرعاف والاستنجاء في ما ظهر من الأنف والمقعد ، ولا يلزم من عدم وجوب غسل باطنهما عدم وجوب غسل كلّ ما يعدّ باطنا عرفا ، والمسألة محلّ إشكال في باب الحدث والخبث فتأمّل » . والمحصّل أنّ قاعدة الملاقاة سواء كان تعبّديّة شرعيّة أم ارتكازيّة عرفيّة شاملة لمثل هذا الباطن قطعا ولا يكون منصرفا عنه ، وليس في باب النجاسة إطلاق علَّق فيه الحكم على الباطن حتّى يؤخذ بإطلاقه ويحكم بعدم التنجّس في مثل ذلك أيضا ، وعلى هذا فيكون كالظاهر في التنجّس بالملاقاة وعدم الزوال إلَّا بالتطهير ، سواء في ذلك النجاسة الحادثة في نفس هذا الباطن والنجاسة الداخلة فيه من الخارج ، هذا من حيث الخبث . وأمّا من حيث الحدث فوجه الإشكال فيه أنّ لفظ الباطن وإن كان مذكورا في الأخبار هنا ، ولكنّه مطلق ليس نسبته إلى جميع هذه الأقسام الثلاثة على السواء وبنحو التواطي ، بل يكون منصرفا إلى بعضها وهو ما عدا القسم الثالث .