طرف من الفم ، وإرسال البصاق من الطرف الآخر فرض نادر غير داخل في مدلول الرواية قطعا ، وعلى هذا فهو أعمّ من أن يكون لعدم تنجّسه بملاقاة الخمر في الفم كما هو المدّعى ، ومن تنجّسه به وبقائه على النجاسة ما دام بقاء الخمر في الفم وصيرورته بزواله عن الفم طاهرا ، بل مقتضى الجمع بين قاعدة تأثّر الملاقي وهذه الرواية تعيّن الثاني ، فيكون الزوال مطهّرا للبواطن ، وهذا ليس تخصيصا في عام ، إذ ليس في غير باب المياه ما يدلّ على انحصار المطهر في شيء خاص . ويتفرّع على الوجهين الحال في فرع ، وهو ما إذا كان في جوف الأنف دم يابس وخرج ماء الأنف الجاري من أعلى هذا الدم حتّى يسيل إلى الخارج ولم يكن فيه شيء من الدم ، فإن قلنا بعدم التأثّر أصلا فهذا الماء طاهر ، وإن قلنا بمطهّرية الزوال يكون نجسا ، إذ الفرض بقاء عين الدم في جوف الأنف وعدم زواله ، فليس مثل البصاق للشارب الخمر ، فإنّه كما ذكرنا يكون بعد الزوال لعدم مكث الخمر في الفم ونزوله إلى الجوف بسرعة ، ولم يبق منه إلَّا الأجزاء الصغار العقليّة المستهلكة في البصاق . ثمّ قال - قدّس سرّه - بعد كلام : « إنّ البواطن كالجوف ونحوه ممّا لا تظهر أصلا لا دليل على تأثّره بالنجاسة لانصراف عموم قاعدة الملاقاة إلى غيرها ، وأمّا البواطن الظاهرة كالأنف والعين والأذن فقد عرفت أنّ دعوى الانصراف إلى غيرها خلاف الإنصاف ، فمقتضى الجمع بين الأدلَّة هو الحكم بالنجاسة مع طهرها بزوال العين » . ولكن يمكن أن يقال بأنّه لو كان قاعدة تأثر الملاقي عموما تعبديّا كان ما ذكر من أنّ مقتضى الجمع هو النجاسة مع مطهّريّة زوال العين تامّا ، إذ حينئذ كان الأخذ به لازما ما لم يظهر الدليل على الخلاف ، ولكن يمكن أن يكون استناد