وبالجملة فالبصاق الملقى في حال الشرب لا يخلو من الملاقي للخمر ، لأنّه إمّا بتمامه ، ملاق له ، وإمّا مخلوط بما قد لاقاه ، فيكون الحكم بعدم البأس في هذا الموضوع شاهدا على المدّعى من عدم تنجّس البواطن ورطوباتها بالنجاسة الخارجة والداخلة . ولكن قد يقال : إنّ الرواية مجملة ، لتردّدها بين هذا المعنى وبين معنيين آخرين لا شاهد عليهما فيها على المدّعى ، الأوّل : أن يكون المراد ب « يشرب » أنّ فعله شرب الخمر لا أنّه في الحال مشتغل به ، وتوهّم السائل نجاسة الفم بواسطة شرب الخمر ، فلهذا توهّم نجاسة الرطوبات الحادثة في الفم ولو بعد مضيّ مدّة طويلة عن شربه بواسطة نجاسة الفم . والثاني : أن يكون المراد ذلك وكان توهّم السائل أنّ الفم بعد شرب الخمر يتنجّس ويحتاج إلى التطهير ، فشكّ في طهارة البصاقات المتأخّرة عن زمان الشرب لأجل الشكّ في تطهير الشارب لفمه ، ومن المعلوم أنّهما أجنبيان عن المقام ، فإنّ الكلام في الرطوبة الملاقية للنجس والرطوبات الحادثة بعد زوال العين طاهرة بلا إشكال . والجواب أنّ الرواية ظاهرة في الفعليّة والاشتغال الحالي بالشرب لمكان الفاء في قوله : « فبصق » الدال على ترتيب البصاق على الشرب وتعقيبه له ، فيكون شاهدا على المدّعى . « لكنّ الرواية وعدم ظهور الخلاف غايتهما عدم ثبوت حكم النجاسة بعد زوال العين ، فلعلَّه مطهّر كما صرّح به الشهيدان حيث ذكرا أنّ البواطن يطهر بزوال العين » فإنّ البصاق المذكور لا محالة يكون بعد زوال عين الخمر عن الفم بانتقاله إلى الجوف ، فإنّه مائع كالماء ينتقل إلى الجوف بسرعة ، وأمّا إمساك مقدار منه في