بول الخشاشيف يصيب ثوبي فأطلبه فلا أجده فقال : « اغسل ثوبك » [1] ، والثاني : رواية غياث عن جعفر - عليه السّلام - عن أبيه - عليه السّلام - قال : « لا بأس بدم البراغيث والبق وبول الخشاشيف » [2] ، ولا يخفى ثبوت الجمع الدلالي بينهما ، فإنّ ملاحظة لا بأس في جنب اغسل يكون عرفا قرينة على كون الأمر للاستحباب لأجل النظافة لا للوجوب لأجل النجاسة ، ووجهه أنّ « لا بأس » صريح في الطهارة والأمر ظاهر في الوجوب ، فنرفع اليد عن الظاهر لأجل الصريح ، هذا بحسب الدلالة . وأمّا بحسب السند فهذه مع رواية داود كلاهما موثّقة ، ولا رجحان لأحدهما على الآخر ، وذلك لأنّ في طريق الأولى موسى بن عمرو لم يرد في حقّه أزيد من التوثيق ، ووجود الرواية في كتاب محمّد بن علي بن محبوب الذي هو أحد الكتب المعتبرة على ما حكاه شيخنا المرتضى - قدّس سرّه - عن محكيّ السرائر لا يفيد مع كون محمّد بن علي بن محبوب رواها عن موسى المذكور ، فتكون كالرواية الثانية ، فإنّ في طريقها غياث البتري وهو ممّن وثّقه العلَّامة والنجاشي فتكون روايته موثّقة ، ولو فرض كونه عامّيا كما ربّما يشهد بذلك تعبيره عن الصادق - صلوات الله عليه - بقوله : عن جعفر عن أبيه . وأمّا حمل الرواية الثانية على التقيّة كما عن الشيخ فلا وجه له بعد وجود الجمع العرفي بينها وبين رواية داود ، فإنّ الرجوع في الخبرين المتعارضين إلى المرجّحات السندية إنّما يكون بعد اليأس عن الجمع الدلالي العرفي ، وقد عرفت وجوده هنا ، ثمّ لو رفع اليد عنها لمطروحيّتها وكونها رواية شاذّة نقل الإجماع على
[1] - الوسائل : ج 2 ، 10 ، من أبواب النجاسات ، ص 1013 ، ح 4 . [2] - المصدر نفسه : ص 1013 ، ح 5 .