فلهذا لو حكم هنا الشارع بأنّه بالغسل قابل للانتفاع ، فحيث إنّ هذا أمر غير متعارف لديهم ، إذ ليس لمثله غسل عندهم حصل لهم التردّد والتوقّف ولا يكتفون بهذا الكلام الوارد في مقام الإهمال ، ويصير حاله حال عتق الرقبة ، وهذا بخلاف الأوامر الأخر حيث عرفت ثبوت المتعارف للعرف في مواردها ، بحيث لا يحصل لهم التوقّف والتأمّل في الحمل عليه ولو كان الكلام في مقام الإهمال . وبعبارة أخرى يكون الكلام منصرفا إلى ما هو المعلوم الواضح عندهم ، والمنصرف إليه الكلام يكون كالمذكور في الكلام ، وإن كان في غير مقام البيان . وبعبارة أخرى نفس الكلام وإن كان في غير مقام البيان ، لكن المنصرف إليه منه يكون له فائدة مقام البيان ويقوم مقامه ، إذ يحصل به اتضاح الحال وارتفاع الإجمال . إذا عرفت ذلك ، فاعلم أنّ في خصوص البول قد ورد عدّة من الأخبار ، فطائفة فصلت بين القليل والجاري ولم يتعرض للكثير ، وهو قوله : « اغسله في المركن مرّتين وفي الماء الجاري مرّة واحدة » وطائفة أطلقت اعتبار المرّتين وهو قوله : « إذا أصاب ثوبك بول فاغسل مرتين » وبعضها أطلقت من حيث المرّة والتكرار ، ومن حيث القليل والكثير والجاري ، وهي أيضا بين ما يختصّ مورده بالبول وبين ما يتعرّض لكلَّي النجاسات الشامل بعمومه للبول أيضا ، فقد يقال : إنّه بعد تقييد الطائفة الثانية بغير الجاري بالرواية الأولى ، حيث إنّ نسبتها الإطلاق والتقييد ، وتقييد الثالثة أيضا بواسطة هذه الرواية لهذه الجهة بغير القليل ، يبقى التعارض بين أنفسهما ، أعني : بين الطائفة الثانية والثالثة في الكثير ، فمقتضى الأولى اعتبار المرّتين ، ومقتضى الثانية كفاية المرّة ، وحيث إنّ دلالة الثانية على الكفاية إنّما هو