النجاسة كلية هو الاكتفاء بالغسل المزيل للعين ، ويحتاج في كل موضع إلى ورود التعبّد من الشرع خاصة ، ففي كل موضع ورد بخلاف ذلك تعبّد نقول به ولا نتعدّى عنه إلى موضع آخر . فإن قلت : كلَّما ذكرت حقّ لو لم يكن هنا رواية عمّار الساباطي فإنّها شاهدة بخلاف ما ذكر ، فإنّ صدرها سأل الراوي عن الدن الذي فيه الخمر أيصلح أن يجعل فيه الماء وشئ آخر ، فيجيب الإمام بأنّه لا بأس بعد الغسل ، ويسأل ثانيا عن الكوز وشبهه كان فيه الخمر أيصلح أن يجعل محلا لشيء طاهر ؟ يجيب بمثل ذلك أيضا ، ثمّ يسأل ثالثا عن الإناء والقدح كان فيه الخمر ، يجيب بأنّه يغسله ثلاثا ، فانظر إنّه لما كان السؤالان الأوّلان عن أصل صلاحية الإناء الذي كان ظرفا للخمر بعد ذلك بظرفية شيء آخر ، فلم يكن المقام مقام بيان التطهير ، أجمل في البيان ، فقال بعد الغسل جائز ، وفي السؤال لما كان بصدد مقام علاج التطهير صرّح الإمام بالتثليث ، فعلم أنّ حال أخبار الباب كلَّها الواردة في غير مقام البيان يكون كصدر هذه الرواية لا يمكن التمسك بها ، وبذلك تمسّك شيخنا المرتضى - قدّس سرّه - أيضا على عدم إمكان التمسّك بأوامر الغسل الواردة في الأخبار . قلت : يمكن إبداء الفرق بين الأمر في هذه الرواية والأوامر الواردة في سائر الأخبار بأن نقول : المرتكز والمقرّر لدى العرف أنّ الإناء الذي كان في مدّة مديدة ظرفا للغائط والبول ، وكان محلا للتخلية في سنين عديدة ليس قابلا للانتفاع به لغير هذا العمل بعد ذلك ، فلا بد إمّا من إعماله فيه أو من طرحه والإعراض عنه فيرونه غير قابل للطهارة ، وكذا الإناء الذي كان معدّا ومحلا للخمر ، ومعنى ذلك أنّه كان كذلك في أزمنة كثيرة فلا يدخل في أذهان العرف قبول بعد ذلك للطهارة ،