المفهوم السابق وصدق مفهوم آخر ، ولكن مع ذلك لم يتعدد الموضوع ولم يكن الثاني لدى العرف موضوعا أجنبيا عن الأوّل ، بل كان الموضوع الأوّل باقيا عندهم وحدث الاختلاف في مجرّد عرض من إعراضه وحالة من حالاته ، وأقوى شاهد على هذه الدعوى العيان ، فإنّا نرى بالحس أنّ مقدارا من الماء لو صب في آنية ثم امتزج مع قدر من السكر فلا يصدق الاسم بلا شبهة ، لكن لا يوجب ذلك تغاير الموضوع ، بل محسوس بالعيان أنّ الموضوع نفس الموضوع السابق من دون تغير في ذاته ، وإنّما حدث في صفة من صفاته وهو الطعم . وبالجملة عدم صدق الاسم لا يكون دليلا على تعدّد الموضوع وتغيّره ذاتا ووجودا ، بل يلائم معه ومع عدمه ، كما أنّ من هذا القبيل أيضا الحال في العجل والبقرة ، فإنّ الموضوع واحد مع تعدّد الاسم بتعدد الصغر والكبر إلى غير ذلك مما ليس بعزيز . إذا عرفت ذلك فنقول : الماء النجس الممزوج بالورد والعود والهندباء إذا تصاعد واجتمع لا شك في أنّ هذا المجتمع بعد التصاعد ليس موضوعا آخر بحيث كان بحسب الذات والحقيقة مغايرة مع نفس الماء . نعم اسم الماء لا يصدق عليه كما كان صادقا في الماء القراح ، ولكن عرفت في المقدمة عدم الملازمة بينه وبين تباين الموضوع ذاتا ، فهو عند العرف متحد مع نفس الماء ذاتا ومختلف معه اسما وصفة وهي الرائحة ، فيمكن أن يشار إليه ويقال : إنّ هذا المائع هو نفس ذلك المائع كان يسمى باسم الماء قبل تصاعده بالبخار ، ولم يكن ذا رائحة فصار بعده مسمى باسم آخر ووجد الرائحة الحسنة ، فصدق العينية هنا أيضا كما في الماء القراح بين المتصاعد ونفس الماء وإن اختلف معه في أنّه مغاير معه هنا في الاسم والصفة ، وعلى هذا نتعدى من ذلك ونقول : في الأعيان النجسة أيضا من