قلت : نعم المعروض هو الهيولى ، لكن تطرأ النجاسة على الصورة التي يقوم بها الهيولى من باب الاتفاق بحيث لو قام بصورة أخرى لكانت هي المعروض ، وسرّ ذلك أنّ النجاسة ليست من الأعراض الذهنية كالكلية حتى يعرض الهيولى في عالم تجرّده عن الصورة ، بل من الخارجية العارضة على الهيولى في الخارج ولازم ذلك أن يصير المعروض هو الصورة التي قامت بها الهيولى حال ملاقاة النجاسة قهرا ، ولا شكّ أنّ تلك الصورة قد زالت بالفرض وصارت الهيولى موجودة بوجود آخر ومتلبّسة بصورة أخرى غير الأوّل ، فاستصحاب النجاسة التي فرض أنّ موضوعها قهرا هو الصورة الزائلة ليس إلَّا اسراء للحكم من موضوع إلى موضوع آخر ، وهذا بخلاف الصورة الثانية ، فإنّ العرف يرى الموضوع بعد التبدّل عين الموضوع قبله ، ويرى التغيّر في الحال والوصف ، فلهذا يمكن استصحاب النجاسة بعد التبدّل . فإن قلت : كيف يوجب التبدّل في الصورة الثانية في المتنجس الحكم بالنجاسة ، وفي النجس الحكم بالطهارة ؟ فيلزم أن يكون المتنجس أسوأ حالا من النجس . قلت : إن كان ما ذكرت مجرّد الاستبعاد فلا يقاوم الدليل ، وإن كان مرجعه إلى دعوى حصول القطع من ضرورة أو إجماع بثبوت الملازمة بين الحكمين بمعنى أنّه لو كان الحكم في النجس هو الطهارة كان كذلك في المتنجس ، وإن كان في المتنجس هو النجاسة كان في النجس أيضا كذلك ، فحينئذ لو كان مستند الحكم بالتفكيك بين الحكمين المتلازمين هو الأصلين الجاريين فيهما ولم يلزم من اجرائهما مخالفة قطعية عملية ، كان الحكم هو التفكيك وإن كان مقطوع الخلاف . وأمّا لو كان المستند في أحد الحكمين هو الدليل وفي الآخر هو الأصل كما