بل يصدق أنّ بعضها لا ينجسه لأجل ذلك ، وبعضها لأجل شيء آخر . ثمّ إذا كان مفاد « إذا » حصر العلَّية فلا بدّ أن لا يكون لعدم تنجيس واحد من النجاسات للماء سبب آخر سوى الكرّية ، ومعنى ذلك كون الماء القليل متنجسا بجميعها ، لكن الكلام في صحّة المبنى ، إذ لا يجزم بأنّ معنى « إذا » كون التالي علَّة منحصرة ، بل غاية ما يقال إنّه مفيد لترتّب تحقّق الجزاء على ترتب الشرط ، لكن ذلك يجمع مع كون الشرط جزءا أخيرا للعلَّة ، فلا اقتضاء فيه لكونه تمام العلَّة فضلا عن إفادة كونه علَّة تامة منحصرة . والثاني : إنّه على القول بالمفهوم لو كان عموم استغراقي في المنطوق أعمّ من كونه في جانب الموضوع أم المحمول فلا بدّ من أخذه في طرف المفهوم أيضا على نحو المنطوق ، فالمفهوم في قولك : إذا جاء زيد فكل العلماء واجب الإكرام ، إذا لم يجئ زيد فكلّ العلماء غير واجب الإكرام ، غاية الأمر أنّ العموم في القضية المذكورة أعني : الماء إذا كان إلخ ، جاء من قبل وقوع النكرة في سياق النفي ، وفي المثال جاء من قبل « كل » فكأنّه قيل : إذا كان الماء قدر كرّ فكلّ نجس لا ينجسه ، فيصير المفهوم إذا لم يكن قدر كرّ فكلّ نجس ينجسه . قلت : ما ذكره من لزوم أخذ العموم في المفهوم لو كان في المنطوق مسلَّم في الجملة لكن هنا فرق بين العموم الجائي من قبل « كل » ونحوه ، والعموم الجائي من النفي والإثبات ، والعموم الجائي من قبل مقدمات الحكمة ، فإن كان من قبيل الأوّل سلَّمنا ذلك كما في المثال ، وإن كان فيه وجه آخر حقّقناه في محلَّه اخترناه ، ومن المعلوم أنّ العموم في القضية ليس من هذا القبيل ، بل من قبيل الثاني ، وأمّا الثاني يعني العموم التابع للنفي والإثبات فليس هو مأخوذا في المفهوم لو كان في