بحسب اللغة عاما لمثل الحوض الكبير ، بل وماء البحر والجاري وإن اغتسل فيها شخص واحد ، لكنّه منصرف عنها وظاهر في الماء القليل وإن كان الاستعمال على نحو الارتماس ، وكما أنّ لفظ السؤر بمعنى ما بقي بعد الشرب وإن كان بحسب اللغة عاما ، لكن يتبادر منه القليل ، كذلك ما زاد من ماء الغسل ، والباقي منه أيضا لا يطلق على الماء الكثير الذي اغتسل فيه وإن اغتسل فيه في كلّ يوم أشخاص كثيرة كحوض الحمام ، ومنشأ هذا الانصراف والتبادر غير معلوم . الثاني : على القول بالمنع ما ينتضح من البدن حين الغسل ويترشح إلى ظرف الماء لا يمنع الغسل بمائه ، إذ القطرات الواقعة فيه مضمحلة في جنب الماء الموجود فيه ، فلا يقال إنّه الماء المستعمل في رفع الحدث الأكبر ، وهذا واضح . إنّما الكلام في ما إذا كان الماء مخلوطا من الماء الغير المغتسل به والماء المغتسل به بحيث لم يضمحل أحدهما في جنب الآخر ، فالمنع بالنسبة إلى هذا الماء وعدمه مبنيان على أنّ الظاهر من قوله : لا تتوضأ من الماء الذي يغتسل به ، أنّ الاغتسال والتوضّي بهذا الماء غير جائز مطلقا وإن كان مع الضميمة ولم يكن مستقلا ومنحصرا ، أو هو المنع عن الاغتسال والتوضّؤ به على وجه كان هو وحده ولم يكن معه غيره . فيمكن أن يدّعى مدع ظهور الرواية في المنع عن الغسل والوضوء بهذا الماء منحصرا ومستقلا ، ولا يرد عليه ما لو اغتسل بعض البدن بالماء المستعمل وبعضه بغيره ، فإنّ هذا مشمول للخبر قطعا ، وعلى هذا لا يشمله لعدم الاستقلال ، إذ حينئذ بعض الأعضاء المغسولة بالماء المستعمل كان مغسولا به وحده ، فهو وإن كان غير مستقل بالنسبة إلى تمام الغسل ، لكنّه بالنسبة إلى البعض المغسول به مستقل ، والخبر يمنع عن استعمال هذا الماء وحده وبالاستقلال في الغسل والوضوء كلا أم بعضا .