فتحصّل أنّ الحكم بالطهارة بعد الاستحالة في الأعيان النجسة يكون على طبق القاعدة لا على خلافها ، لأنّه بمقتضى الدليل الاجتهادي في صورة عدم تمامية الانصراف المذكور وبمقتضى قاعدة كل شيء طاهر بضميمة أنّ من الواضح كون الموضوع هو الصورة النوعية في صورة تماميته فتدبّر . ومن هنا يعلم أنّ التعبير بكون الاستحالة من جملة المطهرات كما وقع في كلمات القوم مبني على المسامحة ، فإنّ الحاصل ارتفاع النجاسة بارتفاع المحل ، لا ارتفاع النجاسة عن المحل مع بقاء المحل كما هو الحال في سائر المطهرات ، والحاصل أنّ هذا من قبيل الرافع لنفس المحل ، وسائر المطهرات من قبيل العارض على المحل والرافع لنجاسته ، فليسا من واد واحد . وأمّا الاستحالة في المتنجسات فالفرق بينها وبين الاستحالة في النجاسات هو العلم بموضوعية الصورة النوعية هناك والعلم بعدم ذلك هنا ، فيعلم أنّ قول الشارع : إذا لاقت يدك النجاسة فاغسلها ، وكذا قوله : اغسل ثوبك إذا لاقى النجس ، وكذا في سائر الأشياء لا يفهم منه دخل الخصوصية ، بل يستفاد أنّ هذا خاصية ملاقاة النجاسة الكذائية في أي جسم حصل ، فلهذا يتعدى إلى كلّ جسم مع عدم ذكر كثير منها في شيء من الأخبار . وحينئذ فنقول أوّلا : لا مجال لحصول الشبهة في بقاء النجاسة لو تبدّل الثوب مثلا بالدود ، إذ الفرض أنّ الأمر الموجود في كلا الحالين معروض النجاسة وهو باق ولم ينعدم ، فلم يجر هنا مثل ما يجري في الأعيان النجسة من ارتفاع النجاسة بارتفاع المحل كما عرفت من معنى مطهرية الاستحالة هناك ، ومع ذلك فلا وجه لحصول الطهارة ، فإنّ حصولها بعد عروض النجاسة يحتاج إلى أحد أمرين كلاهما