لتوقّف كشفها عن رضاه - عليه السّلام - على ذلك ، ولهذا حصول الجزم بالسيرة في غاية الندرة والصعوبة كالإجماع على الكشف ، والإنصاف عدم إمكان الجزم بها بهذا الوصف في المقام أيضا لقوة احتمال أن يكون استنادهم في القبول إلى تقليد المجتهد . وثالثا : بفحوى إنّ من المسلَّم قبول قول ذي اليد في التطهير ، بل قبول معاملته مع ما في يده معاملة الطهارة وإن لم يخبر ، بل قبول قوله في التنجيس بالنسبة إلى بدنه ، فإنّه إذا كان قوله في التطهير مقبولا مع كونه خلاف الاحتياط ، ففي النجاسة التي تكون موافقة للاحتياط يكون مقبولا بطريق أولى . وفيه أنّ الفحوى بمعنى الدلالة اللفظية كما في قوله : « فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ » منتفية في المقام قطعا ، فالحاصل فيه هو الأولوية وهي إن انتهت إلى القطع كانت حجة ، وإلَّا فليست إلَّا قياسا واستحسانا عقليا والانصاف عدم القطع من الأولوية في المقام . ورابعا : بما يشعر به قول أبي الحسن - عليه السّلام - في خبر إسماعيل بن عيسى في جواب سؤاله عن جلود الفرّاء يشتريها الرجل من سوق المسلمين يسأل عن ذكاته إذا كان البائع غير عارف : « عليكم أن تسألوا عنه إذا رأيتم المشركين يبيعون ذلك ، وإذا رأيتم يصلَّون فيه فلا تسألوا عنه إلخ » [1] ، حيث يشعر بأنّ البائع الذي يرى صلاته في الفراء قوله الذي يقوله لو سئل مسموع ، والنهي عن السؤال لأجل أنّه مع وجود الصلاة يعلم أنّ قوله لو سئل هو التذكية ، فلا حاجة إلى السؤال ، بل يعمل بقوله الذي يكشف عنه صلاته .