نعم لو أمكن دعوى الجزم بأنّ بناء العقلاء الثابت في باب الظواهر اللفظية من تقديم الأقوى ظهورا على غيره ثابت في غير هذا الباب أيضا كان هو الحجة ، ولكن الانصاف عدم إمكانه والقدر المتيقّن من بنائهم باب الألفاظ فقط ، فتبقى حجية الأقوى في غيره مشكوكة ، وعدم الدليل كاف في إثبات عدم الحجية ، فانّ الحجيّة الفعلية عند التعارض كالحجية الابتدائية ، فكما أنّ الثانية محتاجة إلى الدليل ومع عدمه ثابت العدم ، فكذا الأوّلي ، وحينئذ فيتساقطان بالنسبة إلى مدلولهما المطابقي ويرجع إلى الأصل المطابق لأحدهما كالطهارة في ما نحن فيه . ثمّ يعلم ممّا ذكرنا في الطهارة والنجاسة الحال في الكرّية فهي أيضا تثبت بالعلم والبيّنة بلا كلام ، وثبوتها بقول صاحب اليد غير معلوم ، وبالعدل الواحد محلّ الإشكال . وأمّا قبول إخبار صاحب اليد في النجاسة وإن كان فاسقا فقد استدل له : أوّلا : بأصالة صدق المسلم خصوصا في ما بيده وفي ما لا يعلم إلَّا من قبله . وفيه أوّلا : على فرض تماميته لا اختصاص له بذي اليد ، بل يجري في أخبار المسلم بالنسبة إلى ما في يد غيره ، فليس لعنوان صاحب اليد بخصوصه مدخل في ذلك ، وثانيا : نطالب بدليل حجية هذا الأصل ووجه اعتباره ، وأمّا عنوان أنّه لا يعلم إلَّا من قبله فهو وإن كان يدل على القبول فيه في خصوص خبر المرأة بما في رحمها آية : « ولا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ الله فِي أَرْحامِهِنَّ » إلَّا أنّه ليس على القبول في غير هذا المورد دليل . وثانيا : بالسيرة المستمرة القاطعة ، وفيه أنّه لا بدّ في السيرة من كونها سيرة المسلم بما هو مسلم ولا تكون ناشئة عن تقليد ، ويحرز اتّصالها بزمان المعصوم