الطهارة ، وعبارة المتن في هذا الفرع من قوله قدمت البيّنة ظاهرة في الأوّل ، أعني : طرح ذي اليد خاصة ، إذ لو كان مبنيّا على التساقط كان حقّ العبارة أن يقال : يبني أو يحكم على الطهارة . وإذا تعارض البيّنتان فإن علم أنّ بيّنة الطهارة مستندة إلى الأصل ففي الحقيقة ليس في قبال بيّنة النجاسة حينئذ سوى الأصل فيكون مقدّمة لا محالة ، وإن كان مستندة إلى العلم كان من باب تعارض الحجتين والقاعدة تساقطهما ، ثمّ يرجع إلى الأصل الموافق لأحدهما ويبني على الطهارة . ولو كان في إحدى البيّنتين جهة رجحان كأن يكون أوثق أو أعدل من الأخرى أو كان في أحد الطرفين عدلان وفي الآخر ثلاثة أو أربعة ، أو أخبر أحدهما عن الحسّ والآخر عن الحدس ، فهل الأصل الأوّلي حينئذ مع قطع النظر عن التعبّد من الشرع تقديم الأقوى أو هو التساقط ؟ الحق هو الثاني وذلك لأنّ مناط الحجية قد جعل في الدليل نفس العدالة وهو موجود في كلا الطرفين والزيادة التي اختصت بأحدهما خارجة عن المناط . وبعبارة أخرى موضوع الحجية في الدليل هو الكاشفية ، فالأكشفية ملغى ، فشمول دليل الاعتبار لهما على السواء ولا يكون في أحدهما أظهر منه في الآخر ، فتكون القاعدة هو التساقط . نعم بالنسبة إلى الثالث حجيتهما محفوظة لأنّهما يتسالمان في المدلول الالتزامي ، أعني : نفي الثالث ، وإنّما تعارضهما في المدلول المطابقي فالأصل المخالف لهما مطروح كما لو قام أحدهما على الوجوب ، والآخر على الاستحباب ، وكان مقتضى الأصل هو الإباحة المصطلحة .