كان قدر كرّ لا ينجسه شيء الذي يستفاد منه كون استناد عدم التنجيس إلى الكرّية ووجود مقتضيه في نفس الماء بالملاقاة إنّما يكون مصبّه المياه الراكدة ، فيكون الأصل في المياه النابعة التي يكون البئر من جملتها هو الطهارة حتى عنده - قدّس سرّه - لعدم جريان القاعدة المذكورة فيها . وأمّا القول بالتفصيل بين القليل والكرّ الذي أعرض عنه الأصحاب وحكى عن البصروي فقد استدل له برواية الحسن بن صالح الثوري ، التي ليس في طريقه سوى ابن الثوري وهو مجهول الحال عن أبي عبد الله قال : إذا كان الماء في الركي كرّا لم ينجسه شيء . والركيّ - بفتح الراء وتشديد الياء - كغنيّ على ما حكي في مجمع البحرين عن الصحاح جمع الكريّة - بفتح الراء وتشديد الياء - وهو بمعنى البئر . وقوله في موثقة عمار السابقة في أدلَّة المختار : لا بأس إذا كان فيها ماء كثير . وقوله - عليه السّلام - في صحيحة ابن بزيع المتقدّمة : ماء البئر واسع لا يفسده شيء ، بناء على حمل الكثير في الأوّل على الكثير الشرعي دون ما لم يتغيّر ، والوسعة في الثاني على الكثرة الحقيقية الفعليّة وكان القضية منزّلة على الغالب ، فانّ الغالب في الآبار كون ماؤها بقدر الكرّ . وقال المحقّق المرتضى - قدّس سرّه - في مقام تأييد هذا القول : ولو لا إعراض الأصحاب عن هذا القول أمكن المصير إليه ، ويستفاد منه أنّه عنده - قدّس سرّه - كان مطابقا للقواعد ، وليس كذلك ، إذ لو سلمنا صحّة الأدلَّة المذكورة دلالة وسندا لكن مجموع الأخبار المتقدّمة المطلقة الغير المفرقة بين