ويرد على الثاني : أنّ لازمة سراية التنجس من كل جزء إلى تلوه على التدريج ، وهذا خلاف المدّعى من تنجس تمام الأجزاء دفعة واحدة ، وأيضا كيف يتعقل السراية في مثل يد الكافر مع كونها في غاية النظافة . ويمكن أن يتمسك في ذلك بفهم العرف بتقريب أنّ الشارع إذا بيّن نجاسة الشيء الفلاني ، وسكت عن كيفية تنجيسه للأشياء يرجع في ذلك إلى ما يراه العرف في القذارات العرفية ، ونحن إذا راجعنا العرف نراهم يجتنبون عن تمام أجزاء الماء لو لاقاه أحد القذارات العرفية ، ألا ترى أنّ الماء الذي وقع فيه جعل لا يستعملونه في الشرب أصلا . نعم لهم تحديد للقلَّة والكثرة وإن كان هذا التحديد مخالفا لتحديد الشرع كان ملغى والحاصل : أنّا نأخذ بما يراه العرف في كل موضع لم يحصل الردع من الشارع . وأمّا الاخبار فعمدتها خبر الذوبان [1] الوارد في السمن ، ودلالته موقوفة على دلالة القضية الشرطية على عليّة الشرط للجزاء بالنسبة إلى كل موضوع ، وقد عرفت منعه . وأمّا خبر الخابية [2] وإن كان صدرها ظاهرا في كون المقاولة في الطهارة والنجاسة لكن الظاهر من قوله - عليه السلام - في الآخر : فإنّ الله حرّم الميتة من كلّ شيء ، أنّ الكلام في جواز الأكل وعدمه ، إذ من الواضح عدم صلوح تعليل تنجّس ملاقي الميتة بكونها حراما ، إذ ليس ملاقي الحرام نجسا ، وهو وإن كان ليس بحرام أيضا ، إلَّا أنّه يمكن أن يكون فرض السائل في مورد صار أجزاء الفارة
[1] الوسائل : ج 1 ص 149 ، ح 1 و 2 . [2] الوسائل : ج 1 ص 149 ، ح 1 و 2 .