الأولى : انفعاله بملاقاة النجاسة . والثانية : تنجّس تمامه بملاقاة جزء ، وعدم كونه كالأجسام الرطبة في اختصاص التنجس بموضع الملاقاة . والثالثة : عدم الفرق في ذلك بين قليله وكثيره . وقد يوجّه الثانية بالسراية الحكمية تارة والموضوعية أخرى ، وتقرير الأوّل أنّ من القاعدة المسلَّمة تنجّس ملاقي كل نجس ومتنجس ، ولا إشكال في أنّ أجزاء الماء متصل بعضها ببعض ، فجميع أجزائه يلاقي بعضها بعضا ، فوصول النجاسة بجزء موجب لتنجّس الجميع بمقتضى القاعدة المذكورة في آن واحد ، غاية الأمر على نحو الترتّب الطبعي الثابت بين العلَّة والمعلول ، فإنّ تنجس كل تال معلول لملاقاة المتلو ، ولا يحتاج إلى طول الزمان ، إذ الفرض أنّ الملاقاة كانت حاصلة بين نفس الأجزاء قبل ملاقاة النجاسة لجزء منها ، والمراد بالثاني وصول عين النجاسة إلى كل جزء من الماء ، غاية الأمر أنّه مخفي علينا . ويرد على الأوّل أوّلا : النقض بالأجسام الجامدة الرطبة ، فإنّها مع وجود الملاك المذكور فيه بعينه يختصّ التنجّس بموضع ملاقاته للنجاسة . وثانيا : أنّ الموجود في الماء إنّما هو الاتصال دون الملاقاة ، والفرق بينهما أنّ الثاني عبارة عن اتصال سطح أحد الجسمين بسطح الآخر ، وليس لأجزاء الماء سطوح متعددة حتى يحصل بتلاصقها موضوع الملاقاة إلَّا على القول بالجزء الغير المتجزّئ ، والمعتبر في باب التنجيس لا شك أنّه هذا الموضوع لا مجرّد الاتصال وإن كان لم يرد به دليل خاص إلَّا إنّه مأخوذ من العرف ، ألا ترى عدم سراية رطوبة جزء من البدن إلى تلوه مع كونه متصلا به ، ولكن لو لاقاه صار الرطوبة مسرية إليه .