بالملاقاة ، فالكرّية والتنجس كلاهما معلولان للملاقاة ، ففي مرتبة وجود المقتضي وهو الملاقاة لم يكن المانع وهو الكرّية موجودا وإنّما صار موجودا بسببه وتبعه ، والعقل حاكم في مثل ذلك بتأثير المقتضي أثره لعدم معقولية ممانعة ما هو متأخّر في الرتبة عن تأثير ما تقدمه رتبة ، فليس المقام من موارد العلم بوجود المقتضي والشك في تحقّق المانع ، بل مما علم بتحقيق المانع لكن في محل سقط عن أن يؤثر في رفع المقتضي ، فالشك الحاصل في المقام إنّما هو في أنّ الكرّية بعد القطع بعدم كونه رافعا ومانعا ، هل هو رافع أو لا ؟ وبعبارة أخرى ، إذا حصل الملاقاة ولم تكن الكرّية في رتبته موجودة أثر في النجاسة بحكم العقل وفي الكرّية ، فهل هذه الكرّية الحاصلة بالملاقاة ترفع هذه النجاسة الجائية من قبل الملاقاة أو لا ، فليس مورد القاعدة المقتضي والمانع . ثمّ بعد عدم جريان هذا الأصل العقلائي في كلا الفرعين يصير الماء المفروض مشكوك الحكم فيجري فيه الأصل الشرعي ، أعني : قاعدة الطهارة وهي أنّ كل موضوع مشكوك الحكم بحسب الطهارة والنجاسة فهو محكوم شرعا بالطهارة . ومن هنا ظهر أنّ هذا الأصل العقلائي في موارد جريانه كالشك المصداقي مع عدم الحالة السابقة أو المفهومي في تحقّق الكرّية يكون واردا على الأصل الشرعي المذكور ، فإنّ الأوّل أصل موضوعي ، والثاني حكمي والموضوعي مقدّم على الحكمي إذ بالأوّل يرتفع موضوع الثاني ، مثلا الشك في الطهارة والنجاسة الذي هو موضوع الأصل الشرعي مسبب عن الشك في وجود المانع وعدمه الذي هو موضوع الأصل العقلائي ، فإذا حكم بعدم المانع بالأصل لم يبق شك في النجاسة .