فإنّه على هذا ليس تمام العلَّة وإلَّا لم يكن القليل الجاري منفعلا ولا بعضا من العلَّة وإلَّا لكان الكثير الراكد منفعلا ، فعدم انفعال الثاني وانفعال الأوّل لازمة كون العلَّة التامة هي الكر وكون الجريان لغوا لا يترتب عليه أثر أصلا ، وهذا في المخالفة لظاهر دليل الجاري بمكان . وأمّا لو قدم دليل الجاري فاللازم التصرّف في دليل الكرّ بأحد نحوين ليس شيء منهما بهذه الدرجة من الموهونية ، إمّا رفع اليد عن عموم الماء فيها للماء الجاري ، وقد عرفت أنّ ظهورها في شموله في غاية الدرجة من الضعف ، ورفع عن مثل هذا الظهور لا يبلغ حدّ ذلك التصرف ومخالفة الظاهر في الوهن ، وإمّا رفع اليد عن مفهوم الشرط وقد حققنا في محلَّه عدم الجزم بالمفهوم للقضية الشرطية ، وإنّما المسلَّم ثبوت الارتباط والعلَّية بين الشرط والجزاء ، وأمّا حصر العلَّة في الشرط كما هو مبنى استفادة الانتفاء عند الانتفاء فلم يحصل الجزم به ، فقوله : « الماء إذا كان إلخ » إنّما يستفاد منه عدم كفاية حيثية المائية بنفسها في الاعتصام وأنّه محتاج إلى شيء آخر وهو الكرّية ، وأمّا أنّه ليس شيء آخر يقوم مقام الكرّية في هذه الفائدة فلا يستفاد منه ، ولو سلم مطلقا أو في خصوص هذا المقام ، فهو ظهور ضعيف ليس رفع اليد عنه بمثابة رفع اليد عن ظهور دليل الجاري ، فيقال : إنّ سبب اعتصام الماء أمران : الكرّية ، والجريان ، فربّما يكون الأوّل فقط كما في الراكد الكرّ ، وربّما يكون الثاني فقط كما في القليل الجاري ، وربما يجتمعان كما في الكر الجاري ، ولعمري أنّ ما ذكرنا في غاية الوضوح بحيث لا ينبغي الإشكال فيه .