وأمّا الثالث : فيبتني الجواب عنه على بيان معنى الحديث فنقول : إنّ معناه بناء الإسلام على هذه الأمور عدم كونه إسلاما قويّا مستقرّا بدون هذه الأمور ، وأنّه لولاها يكون إسلاما ضعيفا مستودعا يزول بأدنى سبب ، ويكون في معرض تطاول الشياطين وتسلَّطهم على إزالته بسهولة كأنّه بيت العنكبوت ، وليس على معنى أنّه بدون أحدها ينتفي الإسلام رأسا ، فهو على حذو قولهم - عليهم السّلام - : « الصلاة عمود الدين » يعني أنّ استحكام الدين واستقراره بها ، فبدون الصلاة يكون دينا بلا عمود لا أنّه ينتفي الدين بالمرّة . ومعنى الرواية أيضا أنّ الإسلام متى نقص منه أحد هذه الأشياء فهو كالبناء متى نقص أحد أصوله وقوائمه ، فإذا فقد الولاية فهو إسلام فقد ركنه الأعظم وأصله الأقوم ، فيكون في معرض الانهدام ، وعدم الاستقرار كالبناء إذا وقع الخلل في معظم أساسه ، وعلى هذا فلا دلالة فيه على نجاسة منكر الولاية . وإذن فيمكن القطع بطهارة المخالفين ، خصوصا مع ملاحظة السيرة القطعيّة المستمرّة من لدن صدر الشريعة إلى زماننا هذا من معاملة الأئمّة وأصحابهم وعلمائنا معهم معاملة الطاهر ، والمخالطة معهم والمباشرة وشراء مثل الخبز ، والجبن ، والماست ونحوهما من أسواقهم ، والمزاوجة لهم ، ومعهم ، والمؤاكلة معهم ، وأكل ذبيحتهم ، فإنّ هذا لا يبقي معه الشكّ في طهارتهم . هذا هو الكلام في مطلق العامّة ونوعهم ، وأمّا نواصبهم وخوارجهم ، فلا إشكال في كفرهم بالكفر المقابل للإسلام بالمعنى الأعم ونجاستهم ، وعلَّة ذلك أنّهم منكرون للضروري وهو محبّة عليّ بن أبي طالب - صلوات الله عليه - ، والفرق بينهم وبين مطلق العامّة أنّهم منكرون للخلافة مع قبولهم للمحبّة ، وهؤلاء مع