فلا نسلَّم كون هذا القسم من المنكر للضروري نجسا ، فإنّه لا يرجع إلى إنكار النبوّة أصلا كما هو واضح ، هذا هو الكلام في غالب العامّة الموصوفين بما ذكرنا ويبقى الكلام في طائفة منهم ، حصل لهم الفحص التام وانجلى عليهم الحقّ وتحقّق لهم العلم ، فإنّه يصدق في حقّهم إنكار ما جاء به النبي من النصب والخلافة إمّا ظاهرا وباطنا بأن ينسب الكذب إلى رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم في هذه الواقعة صريحا ، وإمّا باطنا بأن يكون إنكاره على نحو الجحود والبناء القلبي على عدم كون ما علم بأنّه ما جاء به النبي ما جاء به النبي ، فإنّ هذا في الباطن أيضا إنكار للنبوّة في خصوص هذه المسألة وإن كان في الظاهر والصورة بغير صورة التكذيب . فنقول : إنّه على فرض ثبوت عموم في البين على نجاسة كلّ منكر للنبوّة فمن المعلوم إمكان تخصيص هذا العموم بهذا الفرد ، غاية الأمر مطالبة الدليل المخصّص ، فنقول : أوّلا : يمكن الخدشة في ثبوت هذا العموم ، فإنّ الأدلَّة اللفظية موردها الطوائف الثلاث وهي أخصّ من منكر النبوّة ، وليس كلّ منكر للنبوّة راجعا إلى أحدها كما هو واضح ، وأمّا الإجماع ، فلا نعلم تحقّقه على هذا العموم . وثانيا : إنّه على تقدير ثبوت الإجماع على نجاسة كلّ منكر للنبوّة ، فلا بدّ من تخصيص هذا العموم في هذا الفرد بالأخبار الكثيرة المرويّة في أصول الكافي البالغة حدّ القطع الواردة على أنّ الإسلام مغاير للإيمان وأعمّ منه وأنّه شهادة أن لا إله إلَّا الله وأنّ محمّدا صلَّى الله عليه وآله وسلَّم رسول الله ، وكون هذا المقدار مورثا لترتّب أحكام ، كالطهارة ، وحلّ الذبيحة ، والإرث ، والنكاح ونحوها ، ولا شكّ أنّ المنكر المذكور قائل بهاتين الشهادتين قطعا ، فكأنّهم ينسبون الكذب إلى الله ورسوله مع التصديق بوصف الإلهيّة والرسالة .