ثمّ إنّ هنا تكلَّما من حيثيتين أخريين ، الأولى : هل المراد بالمأكول لحمه ما يجوز أكل لحمه شرعا حتّى يشمل الفرس والبغال والحمير أو هو خصوص ما خلق لأجل أن يؤكل لحمه ، فيكون هذه داخلة في غير مأكول اللحم ، فإنّها خلقت لأجل الركوب والزينة لقوله تعالى : « لِتَرْكَبُوها وزِينَةً » [1] وفي بعض الأخبار أيضا دلالة على ذلك كما عن زرارة عن أحدهما - عليهما السّلام - في أبوال الدواب يصيب الثوب فكرهه ، فقلت : أليس لحومها حلالا ؟ فقال : بلى ولكن ليس ممّا جعله الله للأكل » [2] فيكون هذا الخبر تفسيرا لعنوان ما أكل لحمه الواقع في الأخبار الأخر . والثانية : أنّ الطيور هل هي خارجة عن عموم ما لا يؤكل لحمه فيكون خرؤها وبولها - لو كان لبعضها بول كما في الخفاش على ما نقل - طاهرين ، أو هنا تفصيل بين المأكول منها وغير المأكول ؟ وقبل التكلَّم في ذلك لا بدّ من التيمّن بذكر أخبار الباب وبيان ما يستفاد منها ووجه الجمع ما يتراءى التنافي بينه منها ، فنقول وباللَّه التوفيق ومنه الاستعانة : منها : رواية عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد الله - عليه السّلام - « اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه » . [3] ومنها : رواية أبي الأعز النحاس قال : قلت لأبي عبد الله - عليه السّلام - : إنّي أعالج الدواب فربّما خرجت بالليل وقد بالت وراثت فيضرب أحدها برجله أو يده فينضح على ثيابي فأصبح فأرى أثره فيه ؟ فقال : « ليس عليك شيء » [4]
[1] - النحل / 8 . [2] - الوسائل : ج 2 ، ب 9 ، من أبواب النجاسات ، ص 1010 ، ح 7 . [3] - المصدر نفسه : ص 1008 ، ح 2 . [4] - المصدر نفسه : ص 1009 ح 2 .