ثمّ إنّ المحقّق الخراساني - قدّس سرّه - في الكفاية جعل أقسام ملاقي الشبهة المحصورة ثلاثة : الأوّل : أن يجب الاجتناب عن الملاقي دون الملاقي وهو في ما إذا حصل العلم قبل الملاقاة . والثاني : أن يجب الاجتناب عنهما معا ، وهذا في ما إذا حصل الملاقاة قبل العلم ، وقد مرّ الكلام معه في هذين فوافقناه في الأوّل ، لأنّه إذا اجتنب عن كلا الطرفين فقد اجتنب عن النجس في البين قطعا وإن لم يجتنب عن الملاقي ، إذ هو على تقدير نجاسته فرد آخر مشكوك كشيء آخر شكّ في نجاسته بسبب آخر ، ولا شكّ أنّه مجرى الأصل ولكن خالفناه في الثاني . والثالث : أن يجب الاجتناب عن الملاقي - بالكسر - دون الملاقي - بالفتح - ومثّل له بمثالين : الأوّل : ما مرّ الكلام فيه أيضا ممّا إذا خرج الملاقي بعد الملاقاة عن محلّ الابتلاء ثمّ حدث العلم بنجاسته أو طرفه ، ثمّ عاد إلى محلّ الابتلاء ثانيا ، فهذا هو الذي قد تكلَّمنا فيه آنفا وقلنا بأنّ الأصل في الملاقي الخارج عن محلّ الابتلاء جار بملاحظة الأثر المترتّب على ملاقيه ، فما يسقط بالتعارض أصله ، وبعد سقوط أصله يحدث الموضوع للأصل في نفس الملاقي ، ومن الواضح أنّه على هذا لو رجع الملاقي إلى محلّ الابتلاء حصل بين آثاره التفكيك بحسب الأصل ، فمن حيث طهارة ملاقيه قد سقط أصله بالمعارضة ، ومن حيث الآثار المترتّبة على نفسه يكون أصله بلا معارض كما هو واضح ، فعلى هذا لا يجب الاجتناب في فرض العود والرجوع لا عن الملاقي ولا عن الملاقي .