الشرع وأعلمه بكونه قذرا ، وبعض الأشياء يراه قذرا كماء الأنف مثلا ، فنبّهه الشرع على خطأ نظره وإنّ حال هذا الماء حال العرق ، فكما لا يكون العرق قذرا ، فكذا ماء الأنف . وأمّا طريق الاستقذار وتأثير القذر ، فلم يرد له كيفية خاصة من الشرع لا في هذه الأخبار ولا في غيرها ، فهذا موكول إلى نظر العرف ، ولا إشكال إنّ في التأثير والتأثّر عند العرف سواء في الاستقذار أم في غيره يعتبر الملاقاة والمماسة ، فبمجرّد المجاورة بدون المماسة لا تأثير كما نشاهد في الآلة القاطعة فإنّها لا يقطع الشيء بمحض القرب المكاني ، بل لا بدّ من المماسة ، وكذا لا يستقذرون عن الشيء بمجرّد قرب المسافة المكانية بينه وبين القذر ، بل يرون توقف تأثيره على الملاقاة ، لكن لا يفرق في الملاقاة بين علوّ المؤثر وعلو المتأثر وكونهما في عرض واحد . وحينئذ فإذا قال له الشرع : الدم قذر ، فهو وإن اكتسب مجهولا وهو قذارة الدم ، لكن يحمله بعد العلم بقذارته من الشرع على طريقة نفسه من القذارات ، فيفهم من القول المذكور أنّه إذا لاقى شيئا ينجسه ، سواء كان بالورود عليه ، أو بورود شيء عليه ، أو بالملاقاة في العرض ، كما لو قيل له : السكين تقطع اليد ، يفهم أنّه إذا لاقى وصار مماسا لليد يقطعها من غير فرق بين الأنحاء المذكورة . والحاصل أنّ قوله - عليه السّلام - في هذه الأخبار « لا ينجسه شيء » الذي يصير في طرف المفهوم : ينجسه شيء ، محمول على طريقة العرف في التأثيرات والتأثرات عند نفسه ، وبحسبها لا فرق بين الوارد والمورد ، فيشمل المفهوم ماء الغسالة ، فإنّه قليل لاقاه النجس . وأمّا حيث إنّ لمفهوم هذه القضية عموم أو أنّه موجبة جزئية ، فلا ربط له