الوفاء بالنذر [1] ، فهو حكم العقل ، وإرشاد إلى الوظيفة التي يدركها العقلاء ، وما يدركه العقلاء ليس عنوان الوفاء بالنذر بل الذي يدركونه هو أن مقتضى تنفيذ الشرع صيغة النذر ، هو أن المنذور يكون على عهدة الناذر ، لا دينا ووضعا ، بل هو تكليف محض عقلائي ، كرد السلام . إن قلت : لا وجه لعقاب الشرع على الأحكام العقلائية . قلت : نعم ، ليس كل حكم عقلائي مورد العقاب والعتاب ، ولكن لا بأس بذلك فيما إذا كان إدراكهم لزوم الأدب في قبال المولى ، فترك الأدب يورث عندهم الاستحقاق ، وما نحن فيه من هذا القبيل ، لأنه من سوء الأدب بالنسبة إلى الرب ، كما لا يخفى على ذوي اللب ، من غير فرق بين العهد ، واليمين ، والنذر ، وإن كان قضية بعض الأخبار [2] وجوب الوفاء بها ، إلا أنه بعد ذلك يعلم : أن تلك الهيئات لو كانت لا تفيد أكثر مما ذكر ، فلا عنوان الوفاء بالنذر يصير واجبا ، ولا المنذور نفسه كما عن المشهور ، بل المنذور باق على حاله ، ولا يحتاج إلى القصد والتعيين إلا في مورد خاص كما أشير إليه ، وهو ما إذا نذر صوما غير الصوم الذي في عهدته استحبابا ووجوبا معينين ، كالغدير ، ورمضان ، والكفارة ، وأراد أن يبتدئ به ، بناء على جوازه ، فإنه لا بد من الإشارة . اللهم إلا أن يقال : نفس خلوه عن سائر العناوين يورث الكفاية ،
[1] بحار الأنوار 87 : 177 . [2] الكافي 7 : 458 / 18 ، وسائل الشيعة 23 : 308 ، كتاب النذر والعهد ، الباب 8 ، الحديث 4 .