وأنت قد عرفت منا سابقا : أن المسألة ليست مبنية على قابلية الزمان للصوم الآخر وعدمها ، حتى في صوم شهر رمضان ، وأن التقرب لا ينحصر بالانبعاث عن البعث ، بل يحصل بأمور أخر [1] . وقد يتوهم : أن المسألة مبنية على أن أثر النذر وثمرة العهد واليمين ، إن كان مما يملكه الله تعالى على العبد ما نذره وتعهده ، فيكون المنذور كالدين ، فكما أن الدين لا يتعين إلا بالقصد ، كذلك هو [2] . وأنت خبير بما فيه أولا : من أن النذر إذا تعلق بالفعل فلا يورث إلا وجوب الأداء ، ولا ضمان ، ولا دين . نعم هو في نذر النتيجة قريب ، إلا أن صحة نذر النتيجة مشكلة . وثانيا : أن النذر إذا تعلق بالعين الخارجية فلا يحتاج إلى القصد ، مثلا إذا نذر أن يعطي هذه الشاة من زيد ، فإذا صارت الشاة لزيد ، فردها إليه من قبيل رد الوديعة ورد ماله إليه ، وعلى هذا لو نذر المطلق ، أو نذر المعين ، وقلنا : بأن المأمور به هو الصوم ، وامتثل أمره مع ما اعتبر فيه من القيود ، صح صومه مطلقا ، لوقوع المأمور به . وتوهم : أن الامتثال والقربة متقومة بالعلم بالأمر ، لأنها ليست إلا الانبعاث عن الأمر المولوي ، فهو غير موافق للتحقيق كما أشير إليه مرارا ، وذكرنا تفصيله في التعبدي والتوصلي من الأصول [3] .
[1] تقدم في الصفحة 41 وما بعدها . [2] مستمسك العروة الوثقى 8 : 198 . [3] تحريرات في الأصول 2 : 110 - 112 .