المقابلة بينهما بكل واحد من الاعتبارين إنما هي مع ما يقابله بذلك الاعتبار دون الآخر . وحاصل مرده من هذه العبارة : هو أن العدم الربطي إنما يقابل ويباين الوجود الربطي لا الوجود المقارن ، كما أن الوجود المقارن إنما يباين العدم المقارن لا العدم الربطي . وإذا عرفت ذلك فحينئذ نقول : إنه لا إشكال في أن ما تكفله المخصص بمدلوله المطابقي إنما هو نفي الحكم الوارد على العام عن المتخصص بالخصوصية الوجودية التي تكفله دليل المخصص من استثناء أو منفصل ، مثلا قوله إلا الفاسق ، أو لا تكرم الفاسق العالم ، عقيب قوله أكرم العالم قد سيق لبيان إفادة أن الخصوصية الوجودية الربطية من فسق العالم تكون مانعة عن وجوب إكرامه ، ومن المعلوم أن الخصوصية الوجودية قد أخذت على وجه النعتية في دليل المخصص لا المقارنة ، فإن قوله لا تكرم العالم الفاسق كقوله أكرم العالم العادل الظاهر في أخذ الخصوصية على وجه الربطية والنعتية ، ومن هنا لم يقع خلاف في استفادة النعتية من المخصص المتصل ، فإذا كانت الخصوصية الوجودية التي تكفلها دليل المخصص أخذت على وجه الربطية فلا محيص من أخذ ما يقابلها ويباينها من العدم الربطي والنعتي في مصب العموم والاطلاق ، لما عرفت من أن مصب العام بعد التخصيص والتنويع يكون مباينا كليا مع ما أخرجه المخصص ، والتباين الكلي لا يحصل بينهما إلا بذلك ، أي أخذ ما يقابل ويباين الخصوصية الوجودية التي تكفل لبيان مانعيتها دليل المخصص في مصب العموم ، فإن أخذت الخصوصية فيه على وجه المقارن فلا بد من أخذ العدم المقارن في مصب العموم ، وإن أخذت الخصوصية الوجودية فيه على وجه النعتية فلا بد من [ أخذ ] ما يقابله من العدم النعتي في مصبه ، وحيث إن الخصوصية الوجودية إنما أخذت في دليل المخصص على وجه النعتية ، فيكون القيد المأخوذ في مصب العموم هو العدم النعتي لا غير ،