رتبة المقتضي على وجود الشرط ، فإن المانع هو الذي يزاحم المقتضي في تأثيره ويصادم أثره ، فرتبة وجود المانع متأخر عن وجود المقتضي ، إذ مع عدم المقتضي لا معنى لمانعية المانع وكان وجوده كعدمه ، ولا يستند عدم الشئ إلى وجود المانع بل يستند إلى عدم وجود مقتضيه ، لأن انتفاء الشئ إنما يكون بانتفاء أول جزء علته وليس هو إلا المقتضي ، فمع عدم المقتضي لا معنى لاطلاق المانع على الشئ كما يشاهد ذلك بالوجدان ، فإن مع عدم وجود النار في المكان المقتضية للاحراق لا يصح إطلاق المانع على البلل الموجود في المكان إلا على نحو التعليق والاشتراط ، وذلك بمكان من الوضوح لا حاجة إلى إطالة الكلام فيه . فإذا ثبت تأخر رتبة وجود المانع عن وجود المقتضي فلا محالة يكون رتبة وجوده متأخرا عن رتبة وجود ما هو شرط لتأثير المقتضي ، لما عرفت من أن المانع هو ما صادم تأثير المقتضي وزاحم رشحه وإفاضته الوجود لمعلوله ، فلا بد أولا من وجود المقتضي بماله من الشرائط المعتبرة في تأثيره حتى تصل النوبة إلى المانع ، وإلا فمع عدم وجود الشرط لا يستند عدم الشئ إلا إلى عدم شرطه لا على وجود مانعه ، فإن المانع كان أو لم يكن وجوده وعدمه سيان بعد عدم وجود ما هو الشرط لتأثير المقتضي ، كما هو واضح أيضا إلى الغاية . وإذا ظهر تأخر رتبة وجود المانع عن رتبة وجود الشرط فلا محالة يكون رتبة عدم المانع متأخرا أيضا عن وجود الشرط ، لأن عدم المانع هو القيد الأخير لوجود العلة التامة المستتبعة لوجود المعلول ، فلا محالة يكون متأخرا في الرتبة عن وجود المقتضي والشرط كما لا يخفى . إذا عرفت ذلك فنقول : بعد ما كان الشرط في العلل التكوينية مقدما في الرتبة عن المانع ، كان الشرط الشرعي من حيث دخله في الملاك وكشفه عن المصلحة بناء على أصول العدلية مقدما في الرتبة عن دخل عدم المانع في الملاك