مع العامة ومخالطون لهم ويعاملون معهم في البيع والشراء ، فمن أجل هذا أوجب الضيق على الشيعة ، حيث كانوا يدخلون السوق ويشترون ما لا يعلم أنه من ذبيحة المسلم أو ذبيحة أهل الذمة ، وكذا لم يعلم أنه ميتة دبغ أولا ، فكثر السؤال من الأئمة عليهم السلام ، وأن هذه المعاملات التي تقع في الأسواق بيننا وبين العامة مع ما هو المعلوم من طريقتهم كيف حالها ، وأنه يجوز أن يعامل مع المأخوذ معاملة المذكى أولا ، فأجابوا عليهم السلام بعدم البأس ، وأنه يعامل معه معاملة المذكى . فجميع ما صدر عنهم عليهم السلام جوابا في هذه الأخبار إنما سيق لبيان حكم المعاملات الواقعة بين الشيعة وبين أهل السوق ، وعليه لا يبقى مجال لتوهم الاطلاق فيما دل على حلية ما لم يعلم كونه ميتة ، بل هو منزل على ما كان متعارفا في ذلك الزمان ، ويكون مساقها مساق الأخبار الدالة على اعتبار اليد والسوق . وأما ثانيا : فعلى فرض تسليم الاطلاق فلا بد من تقييده بما إذا لم يؤخذ من يد الكافر ، أو من يد مجهول الحال في غير سوق المسلمين ، وذلك لصراحة بعض الأخبار بوجوب السؤال والفحص عما أخذ من يد المشركين . ففي خبر إسماعيل بن موسى عن أبيه سألت أبا الحسن عليه السلام عن جلود الفراء يشتريها الرجل في سوق من أسواق الجبل ، أيسأل عن ذكاته إذا كان البائع مسلما غير عارف ؟ قال عليه السلام : عليكم أنتم أن تسألوا عنه إذا رأيتم المشركين يبيعون ذلك [1] . . إلخ . ومع هذا التصريح كيف يمكن الأخذ بإطلاق ما دل على حلية ما لم يعلم كونه ميتة ولو أخذ من يد الكافر ؟ فالانصاف أنه لا قاطع لأصالة عدم التذكية إلا يد المسلم أو سوق المسلمين
[1] الوسائل : ج 2 ص 1072 باب 50 من أبواب النجاسات ، ح 7 وفيه . عن سعد عن أبيه إسماعيل بن عيسى .