تارة يكون عن عمد وعلم بالحكم والموضوع ، وأخرى يكون عن جهل بالحكم قصورا أو تقصيرا ، وثالثة يكون عن نسيان كما إذا نسي وصلى إلى غير القبلة ، ورابعة يكون عن غفلة ، وخامسة يكون عن خطأ في الاجتهاد والتحري فيما كان تكليفه ذلك . ثم إن الخلل الواقع تارة يكون منحرفا عن القبلة ولم يبلغ اليمين واليسار ، وأخرى يكون بالغا لهما بأن صلى إلى نفس النقطتين ، وثالثة يكون متجاوزا منهما ولم يبلغ الاستدبار ، ورابعة بلغ الاستدبار ، فهذه جملة الأقسام المصورة في الخلل الواقع في القبلة ، ولا بد من تنقيح كل منها على وجه الاختصار ، فنقول : لا إشكال في بطلان الصلاة إذا وقع الخلل عن عمد في جميع الأقسام ، سواء كان إلى بين النقطتين أو إلى نفسهما أو تجاوز عنهما بلغ إلى الاستدبار أو لم يبلغ ، والسر في ذلك واضح لأن لازم جعل القبلة شرطا في الصلاة هو ذلك كما لا يخفى . وأما لو كان الخلل واقعا عن جهل فإن كان عن تقصير فكذلك أيضا ، للاجماع على أن الجاهل المقصر في حكم العامد خطابا وعقابا إلا في القصر والاتمام والجهر والاخفات ، فهو مكلف بالتوجه إلى القبلة الواقعية فلا تعمه الأخبار الآتية المصححة للصلاة إذا وقعت بين المغرب والمشرق المعللة بأن ما بين الشرق والمغرب قبلة ، لأن توسعة القبلة إلى هذا الحد إنما يكون في مورد سقوط الخطاب بالقبلة الواقعية ، فتكون ما بين المغرب والمشرق قبلة في طول القبلة الواقعية لا في عرضها ، وإلا لصح التوجه إلى ما بينهما عمدا واختيارا ، وقد عرفت أن ذلك خلاف التحقيق ، وإن قيل به فمورد هذه الأخبار إنما هو فيما إذا لم يتمكن المكلف من التوجه إلى القبلة الواقعية بحيث يوجب سقوط خطابها ، والخطاب عن الجاهل المقصر غير ساقط إجماعا . وبهذا البيان يمكن خروج الجاهل القاصر أيضا عن عموم الأخبار الآتية ،