ولا يسعنا التكلم في ذلك بأزيد مما ذكرناه ، فعليك بالتأمل . فإن قلت : سلمنا جميع ما ذكرته من تعلق النذر بذات الصلاة لا بوصف التطوع ، ومن ثبوت الرجحان لها مع قطع النظر عن تعلق النذر بها ، إلا أنه لا إشكال في أن الأمر بالوفاء بالنذر توصلي لا يعتبر في سقوطه قصد التقرب وامتثال الأمر ، والمفروض أن ذات الصلاة في وقت الفريضة لم تكن مأمورا بها بأمر عبادي ، فمن أين تقولون يعتبر في صحة مثل هذه الصلاة المنذورة من قصد التقرب والأمر ، بحيث لو لم يأت بها بهذا القصد كانت الصلاة باطلة ، ولم يبرأ من نذره ، مع أنه لم يكن في البين أمر عبادي يقصد ؟ والحاصل : أن الأمر النذري لو اتحد مع الأمر العبادي في المتعلق ، بأن تعلق الأمر النذري بعين ما تعلق به الأمر العبادي ، لاكتسب الأمر النذري التعبدية من الأمر التعبدي لاتحادهما . وذلك كما لو نذر صلاة الليل ، فحيث إن النذر إنما يتعلق بذات صلاة الليل لا بوصف كونها مستحبة ، وإلا لكان النذر باطلا لعدم القدرة عليه من حيث صيرورة صلاة الليل بعد النذر واجبة ، فلا يمكن إتيانها بوصف كونها مستحبة ، فالنذر لا محالة يتعلق بذات صلاة الليل ، والمفروض أنه قد تعلق بذات الصلاة أمر استحبابي عبادي ، فيتحد متعلق النذر مع متعلق الأمر الاستحبابي ، وحيث لا يمكن اجتماع الوجوب والاستحباب في متعلق الواحد فلا محالة يكتسب الأمر النذري التعبدية من الأمر الاستحبابي وينخلع عما كان عليه من التوصلية ، كما أن الأمر الاستحبابي يكتسب من الأمر النذري الوجوب وينخلع عما كان عليه من الاستحباب ، فيتحد الأمران ويحصل من ذلك أمر وجوبي عبادي ، لكن هذا إنما يكون بعد تعلق الأمر العبادي بصلاة الليل . وأما فيما نحن فيه فالمفروض أنه لم يتعلق بذات صلاة جعفر في وقت الفريضة