وفي رواية أخرى عنه أيضا عليه السلام قال بعد سؤاله عن وقت المغرب : رقت المغرب ما بين غروب الشمس إلى سقوط الشفق [1] . هذا ما أردنا ذكره أيضا من الأخبار الدالة على أن وقت المغرب إنما هو غيبوبة الشمس . والذي يقتضيه النظر الصحيح في الجمع بينها هو الأخذ بما دل على اعتبار ذهاب الحمرة المشرقية ، فإن ما دل على خلافها من كون العبرة بغيبوبة الشمس والقرص لا يقاومه من جهات . أما الطائفة الأولى الدالة على دخول الوقت بغيبوبة الشمس واستتار القرص بقول مطلق من غير ضميمة فهي محكومة بالطائفة الأولى من تلك الأخبار ، التي حددت استتار القرص وغيبوبة الشمس بذهاب الحمرة المشرقية . وقد تقدم في الأمر الثالث أنه لا يعامل في ما ورد من التحديدات الشرعية للموضوعات العرفية معاملة المعارض ، بل تكون حاكمة على الظاهر الأولي من الموضوع ، ومقيدة لاطلاقه ، ومبينة للمراد منه . وكيف يعامل معاملة التعارض بين ما دل على دخول الوقت بغيبوبة الشمس بقول مطلق ، وبين ما دل على أن غيبوبة الشمس إنما يتحقق بذهاب الحمرة المشرقية ؟ وهل يتوقف أحد في كون الثاني مفسرا للأول ومبينا له ؟ ولأبعد في إرادة ذهاب الحمرة أيضا من استتار القرص ، ولم يكن الكلام خارجا عن المتعارف لأن الحمرة من توابع القرص وملحقاته ، وقد عرفت في الأمر الثاني من أن إرادة التوابع أيضا من لفظ المتبوع لا يستلزم المجازية ، فضلا عن خروج الكلام عما هو المتعارف ، فالطائفة أولى من هذه الأخبار محكومة طرا بالطائفة الأولى
[1] الوسائل : ج 3 ص 133 باب 16 من أبواب المواقيت ، ح 29 .