نعم لو قلنا بأن أخبار الباب مختصة بصورة التحري والاجتهاد ولا تعم الناسي كما اختاره صاحب الجواهر قدس سره لكانت أخبار الالتفات أجنبية عن المقام ولا يمكن الاستدلال بها فيه ، إلا أن دعوى اختصاصها بذلك مما لا وجه لها ، مع أن صاحب الجواهر [1] رحمه الله اعترف بأن الطائفة الأولى من أخبار الباب الدالة على عدم وجوب الإعادة والقضاء لو وقعت الصلاة إلى ما بين المغرب والمشرق تعم الناسي أيضا ، وإنما قال بالاختصاص في خصوص الطائفة الثانية ، ولكن الانصاف أنه لم يظهر وجه للتفرقة بين الطائفتين ، فتأمل [2] . وكذا لا يمكنهم الاستدلال بأخبار باب الالتفات لما نحن فيه ، لو منعنا الأولوية وأنه لا ملازمة بين بطلان الصلاة إلى دبر القبلة لو كان ذلك في الأثناء وبطلانها لو وقعت من أول الأمر إلى دبر القبلة ، أو قلنا بعدم صدق الصلاة إلى دبر القبلة لو كان في الأثناء ، أو قلنا بأن أخبار الالتفات تختص بالعامد ولا تعم الناسي . ولكن منع الملازمة بين الأول والأثناء وعدم صدق الصلاة إلى غير القبلة لو كان ذلك في الأثناء واختصاص الالتفات بصورة العمد كل ذلك مشكل بل لا سبيل إليه ، فالأقوى القول ببطلان الصلاة لو وقعت إلى دبر القبلة ، كما عليه عمل الأصحاب حسب ما يستفاد من عبارة الشيخ [3] رحمه الله المتقدمة في ذيل المرسل الذي حكاه ، فتأمل فيما ذكرناه فإن الاستدلال بأخبار الالتفات لما نحن فيه لا يخلو من إعمال لطف .
[1] جواهر الكلام : ج 11 ص 42 . [2] سيأتي وجه التفرقة بين الطائفتين في آخر البحث فانتظر وراجع . [3] النهاية : ص 64 وقد عدل شيخنا الأستاذ مد ظله عن هذا التقريب عند البحث في القواطع في مسألة قاطعية الالتفات ، وقوى في نظره عدم ثبوت المفهوم لصحيحة البزنطي * ، وهذا التقريب مبني على ثبوت المفهوم فتأمل . " منه " . * - الوسائل : ج 4 ص 1249 باب 3 من أبواب قواطع الصلاة ، ح 8 .