أصالة الظهور في أنّ الأخذ بها في كلام كلّ متكلَّم إنّما هو ما دام لم يصرّح هو بخلاف هذا الأصل ، وإلَّا فيسقط الأصل في كلامه . ألا ترى أنّه لو قال متكلَّم : إنّي ربما أتكلَّم بلفظة الأسد وأريد منها الرجل الشجاع بدون نصب قرينة فلا يبقى لكلامه ظهور إذا قال : جئني بالأسد مثلا ، فهكذا لو صرّح المتكلَّم بأنّي ربما فعلت كذا أو قلته والداعي إلى ذلك هو التقيّة من الأعداء ، فرأيناه فعل أو قال ، فلا يبقى بعد هذا التصريح منه أصل عقلائي في جهة الصدور لكلامه وفعله . إذا عرفت هذا فنقول : قد صرّح الصادق سلام الله عليه بذلك في ما رواه الشيخ بإسناده عن الحسن بن محمّد بن سماعة عن ابن رباط عن جارود أو إسماعيل ابن أبي سماك عن محمّد بن أبي حمزة عن جارود قال : قال لي أبو عبد الله عليه السّلام : « يا جارود ، ينصحون فلا يقبلون ، وإذا سمعوا بشيء نادوا به أو حدثوا بشيء أذاعوه ، قلت لهم : مسّوا بالمغرب قليلا فتركوها حتّى اشتبكت النجوم ، فأنا الآن أصلَّيها إذا سقط القرص » [1] . فإنّ هذا الخبر كما ترى دالّ على شكايته عليه السّلام عن أصحابه ، حيث يذيعون قوله عليه السّلام : مسّوا بالمغرب قليلا بواسطة صعودهم مثلا المواضع المرتفعة لاستعلام الحال والتأخير إلى اشتباك النجوم بحيث صاروا معروفين بذلك عند العامّة ، فمن هذا السبب التجأ عليه السّلام بأن يصلَّي هو بنفسه عليه السّلام في وقت سقوط القرص لإخراج ذلك عن أذهان العامّة وإصلاح ما أفسده أصحابه . وكما أنّ هذا الخبر يوهن في أصالة الجهة في الخبر المتقدّم الحاكي لفعله عليه السّلام ،
[1] الوسائل : كتاب الصلاة ، الباب 16 من أبواب المواقيت ، الحديث 15 .