بين أخبار الغروب وذهاب الحمرة فلا يمنعنا عن الحمل على هذا المعنى الاستيحاش المتقدّم لوضوح بطلانه . نعم يبقى في البين في معارضات أخبار الذهاب طائفتان : الأولى : الأخبار الحاكية لفعل النبيّ وبعض الأئمّة عليهم السّلام التي يدّعي ظهورها في أنّهم عليهم السّلام فعلوا المغرب عند الغروب قبل الذهاب ، وخصوصا فعل النبيّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم الذي هو غير قابل للحمل على التقيّة . والأخرى : خبر عليّ بن الحكم المتقدّم ، حيث إنّه صريح في أنّ المناط هو الغروب الحسّي للجرم ، ولا يقبل الحمل الذي ذكرنا ، لأنّه فسّر غيبوبة القرص بأنّه إذا نظرت إليه لم تره ، وأنت ترى عدم قابليّته للحمل على عدم رؤية العين والأثر ، فإنّه صريح في عدم رؤية القرص ، ولسانه أيضا لسان الحكومة والشارحيّة ، كما أنّ لأخبار الذهاب أيضا كان هذا اللسان ، فلا محيص عن معاملة المعارضة بينه وبين أخبار الذهاب ، فإنّ كلَّا منهما حاكم ومفسّر للغروب وصريح في مفاد غير مفاد الآخر . فنقول : أمّا الخبر الحاكي لفعل النبيّ صلَّى الله عليه وآله وفلا منافاة فيه للقول بالذهاب إذا كان صلَّى الله عليه وآله آتيا بالصلاة متّصلا بالذهاب وكانوا ذاهبين بسرعة عقيبها ، إذ رؤية مواضع النبل مع هذا الوصف والحال أنّ مسافة سيرهم إلى منازلهم نصف ميل وهو ألفا ذراع لا ينافي مع كون ابتداء الشروع بالصلاة أوّل الذهاب . وأمّا الخبر الحاكي لفعل الصادق عليه السّلام فالجواب عنه أنّ صحّة التمسّك بخبر إنّما هي بعد تماميّة ثلاث جهات : الدلالة والسند وجهة الصدور ، فالسند قد فرغ عنه بما تقرّر في الأصول ، وكذا الدلالة أيضا لا خدشة فيها في هذا الخبر إن لم يجر فيه الاحتمال الذي تقدّم في طيّ الكلمات السابقة ، بقي أصالة الجهة ، ولا شكّ أنّها مثل