منازلهم على نصف ميل ، فيصلَّون معه ثمّ ينصرفون إلى منازلهم وهم يرون مواضع سهامهم » [1] . وقد يجمع بين الطائفتين بحمل الثانية الدالَّة على اعتبار ذهاب الحمرة على الأماريّة ، وحمل الأولى الدالَّة على استتار القرص على الأصاليّة ، فالميزان الأصلي هو الاستتار ، ولكن حيث إنّه قد يختفي على الحسّ ويحصل الاشتباه الموضوعي لأجل وجود السحاب أو الغبار أو الجبل ونحو ذلك نبّه الشارع بأنّ ذهاب الحمرة أمارة قطعيّة على تحقّقه ، فهذا إنّما يكون معتبرا مع الشكّ في الأوّل ، وإلَّا فمع القطع بالأوّل يكون هو المناط ، وهذا أيضا لا يتأتّى في جميع الأخبار . فإنّ منها : رواية عبد الله بن وضّاح قال : كتبت إلى العبد الصالح عليه السّلام : يتوارى القرص ويقبل الليل ، ثمّ يزيد الليل ارتفاعا ويستتر عنّا الشمس ويرتفع فوق الجبل حمرة ويؤذّن عندنا المؤذّنون ، أفأصلَّي حينئذ وأفطر إن كنت صائما ، أو أنتظر حتّى تذهب الحمرة التي فوق الجبل ؟ فكتب عليه السّلام إليّ : أرى لك أن تنتظر حتّى تذهب الحمرة وتأخذ بالحائطة لدينك [2] . وهي غير قابلة للجمع المزبور كما ترى . ومنها : مرسلة ابن أشيم عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : سمعته يقول : وقت المغرب إذا ذهبت الحمرة من المشرق ، وتدري كيف ذلك ؟ قلت : لا ، قال عليه السّلام : لأنّ المشرق مطلّ على المغرب هكذا ورفع يمينه فوق يساره ، فإذا غاب هاهنا ذهبت الحمرة من هاهنا [3] .
[1] الوسائل : كتاب الصلاة ، الباب 18 من أبواب المواقيت ، الحديث 5 . [2] الوسائل : كتاب الصلاة ، الباب 16 من أبواب المواقيت ، الحديث 14 . [3] الوسائل : كتاب الصلاة ، الباب 16 من أبواب المواقيت ، الحديث 3 .