وهذه الرواية وإن كان صدرها شاهدا على ما ادّعينا من كون الغروب معنى مجملا يحتاج أن يسأل عنه ، ولكن ذيله المصرّح في تفسيره بأنّه إذا نظرت إليه فلم تره لا يلائم الجمع المزبور ، فإنّ حمل قوله : إذا نظرت فلم تره على عدم رؤية عينه وأثره ليس جمعا عرفيّا ، كما أنّه ليس عدم الرؤية إذا نظر إليه أيضا معنى ذو تشكيك حتّى يمكن أن يقال : إنّ المراد أقصى مراتبه ، كما قلنا في الغروب . وممّا لا يقبله أيضا رواية الربيع بن سليمان وأبان بن أرقم وغيرهم ، قالوا : أقبلنا من مكَّة حتّى إذا كنّا بوادي الأخضر ، إذا نحن برجل يصلَّي ونحن ننظر إلى شعاع الشمس ، فوجدنا في أنفسنا ، فجعل يصلَّي ونحن ندعوا عليه ونقول : هو شابّ من شباب أهل المدينة ، فلمّا أتيناه إذا هو أبو عبد الله جعفر بن محمّد صلوات الله عليهما ، فنزلنا فصلَّينا معه وقد فاتتنا ركعة ، فلمّا قضينا الصلاة قمنا إليه فقلنا له : جعلنا فداك ، هذه الساعة تصلَّي ؟ فقال عليه السّلام : إذا غابت الشمس فقد دخل الوقت [1] . فإنّ صدر الرواية ناصّة بأنّ الذهاب كان مطلبا مقرّرا عند الشيعة ، ومع ذلك كان الإمام عليه السّلام يصلَّي في ذلك الوقت ، فعلى القول المذكور لا بدّ من حمل ذلك على كون الشعاع الذي رأوه في أعلى جبل كان بالوادي خارجا عن المتعارف في الارتفاع ، حيث إنّ المعتبر هو الذهاب عن المواضع المرتفعة بقدر المتعارف ، لا مثل جبل دماوند ، وإن لم تقبل هذا أيضا فلا مسرح فيه للجمع المتقدّم قطعا . وممّا لا يقبله رواية محمّد بن يحيى الخثعمي عن أبي عبد الله عليه السّلام أنّه قال : « كان رسول الله صلَّى الله عليه وآله يصلَّي معه حيّ من الأنصار يقال له بنو سلمة
[1] الوسائل : كتاب الصلاة ، الباب 16 من أبواب المواقيت ، الحديث 23 .