وبالجملة ، فلعلّ هذا هو السرّ في التفرقة بين الطلوع والغروب ، حيث لم يرد سؤال في خبر عن حدّه ولا ابتداء شرحه عن إمام عليه السّلام بخلاف الغروب ، وإن أبيت إلَّا عن اتّحادهما في الوضوح والخفاء ، لكن نقول : إنّ الاهتمام بشأن الغروب أزيد ، حيث إنّه وقت الإفطار والصلاة والإفاضة من عرفات ، بخلاف الطلوع ، فإنّه وإن كان آخر وقت صلاة الصبح ، لكن المصلَّين في تلك الأزمنة لم يكونوا يؤخّرون صلاتهم إلى هذه الغاية حتّى يحتاجون إلى الفحص والسؤال عن حدّه . وأمّا الثاني : فالنقطة التي هي المشرق يكون أعلى أبدا من التي هي المغرب ، فإنّ الأولى هي النقطة الداخلة في الأفق ، والثانية هي النقطة الخارجة عنه ، إذ الجسم إنّما يغيب عن النظر إذا انحدر بتمام أجرامه عن أفق الناظر ، ولكنّه يصير ظاهرا للنظر إذا صار إلى الناظر أقرب من نقطة الغروب ، هذا إذا اعتبرنا بصرف غيبوبة العين ، وأمّا إذا اعتبرنا بغيبوبتها وغيبوبة الأثر كما هو المفروض في الخبر ، فالتفاوت بين النقطتين يكون أكثر من الأوّل ، بمعنى أنّه لا بدّ من تجاوز الجسم عن النقطة الأولى التي يغيب فيها جسمه عن النظر إلى ما دونها حتّى يغيب أثره أيضا ، فيكون محلّ غيبوبة عينه وأثره أدون بالنسبة إلى محلّ رؤيته ومشاهدته بأكثر من أدونيّة محلّ غيبوبة عينه عن محلّ رؤيته . وعلى هذا فيصير الجمع المزبور خاليا عن الإشكالين ، ولكنّه مع ذلك لا يتمشّى في بعض الأخبار ، نعم هو جمع حسن بالنسبة إلى جلَّها . فمن جملة ما لا يقبله : مرسلة عليّ بن الحكم عمّن حدّثه عن أحدهما عليهما السّلام أنّه « سئل عن وقت المغرب ؟ فقال عليه السّلام : إذا غاب كرسيّها ، قلت : وما كرسيّها ؟ قال عليه السّلام : قرصها ، فقلت : متى يغيب قرصها ؟ قال عليه السّلام : إذا نظرت إليه فلم تره » [1] .
[1] الوسائل : كتاب الصلاة ، الباب 16 من أبواب المواقيت ، الحديث 25 .