إلى الغروب ، وما دلّ على مثل ذلك في العصر ، وما دلّ على لزوم الترتيب بينهما . فكان هذه المضامين الثلاث قد اجتمعت في دليل واحد ، كأن يقال : وقت هاتين الصلاتين من الزوال إلى الغروب ، ولكن يجب تقديم الظهر على العصر ، فإنّه يستفاد منه أنّ أوّل الزوال بمقدار أداء الظهر وقت فعليّ للظهر ، لعدم سعته للعصر مع حفظ الترتيب . وكذلك الحال من جانب الآخر ، بتقريب أنّ التكليف بهذا النحو أعني بنحو التركيب يكون ممتدّا من الزوال إلى الغروب ، فإذا بقي ثمان ركعات من آخر الوقت يصير كلّ من الصلاتين مضيّقة لا محالة ، ككلّ تكليف مخيّر أو موسّع عند تعذّر سائر أطرافه أو فوت سائر أجزاء وقته ، فيختصّ الأربع الأولى من هذه الثمان ركعات بالظهر ، والأربع الأخيرة بالعصر ، هذا محصّل ما ذكره . واستشكل عليه شيخنا الأستاذ دام بقاه بأنّ للظهر تكليفين : أحدهما نفسي ، والآخر غيري ، لأنّ العصر مقيّد ببعديّة الظهر ، فيكون الظهر لأجل تحصيل هذا القيد بالنسبة إلى العصر ، كالوضوء بالنسبة إلى كلّ صلاة مع الطهارة ، فإنّ الترتيب إنّما يقيّد العصر بالبعديّة ، لا الظهر بالقبليّة ، ولذا لو أتى بالظهر ولم يأت بالعصر عصيانا صحّ ظهره . وحينئذ فإن عصى ولم يأت بالظهر في الأربع الأولى من الثمان ركعات ، فإن بقي اشتراط العصر بالبعديّة بحاله لزم اختصاص الأربع الآخر بالظهر من حيث التكليف النفسي وإن سقط تكليفه الغيري بالعصيان كتكليف ذيه أعني العصر ، وإن لم يبق بحاله ، بل صار العصر مطلقا فهنا وقت واحد وواجبان مطلقان نسبتهما إليه نسبة واحدة لا بدّ من تخصيص الأهمّ به - إن كان - وإلَّا فالتخيير . فالاستدلال مبنيّ على المغالطة والخلط بين الوجوب الغيري والنفسي ،