جميعا حتّى تغيب الشمس » فإنّ حمله على إرادة بيان امتداد الوقت لا يناسبه الإتيان بكلمة « ثمّ » بخلاف الحال بناء على الحمل الذي ذكرنا ، فإنّ الإتيان بثمّ حينئذ في غاية المناسبة . وما ذكرنا أحسن ممّا قيل في وجه الجمع تارة بأنّ الكلام من باب حذف المضاف أعني : أنّ وقت هذه قبل وقت هذه ، فإنّه لا يخلو من برودة ، فإنّه راجع إلى أنّه دخل الوقتان وما دخل أحدهما . وأخرى بأنّ المقصود دخولهما متعاقبين ، فإنّه أيضا لا يناسب مع تعيين الوقت الواحد لكلا الوقتين ، ألا ترى عدم صحّة قولك : عند ساعة كذا دخل زيد وعمرو ، مع كون دخولهما متراخيا وكان المقرون منهما لتلك الساعة دخول الزيد فقط . ويؤيّد ما ذكرنا أيضا قوله عليه السّلام في بعض روايات بيان وقت فضل الظهر : « إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر ، إلَّا أنّ بين يديها سبحة » [1] فإنّ ظاهرها أيضا أنّ الوقت من أوّل الزوال وإن كان صالحا لفضل الظهر ، إلَّا أنّه منع عن جعله كذلك وجود السبحة وهي النافلة بين يديها ، ولأجل هذه الحكمة أخّر وقت فضلها عن السبحة . وحاصل ما اخترناه في وجه الجمع أنّ كلمة « إلَّا » في قوله عليه السّلام : « إلَّا أنّ هذه قبل هذه » استعملت في موضع كلمة « لولا » فالمراد - والله أعلم - أنّ الوقت من أوّل الزوال إلى غيبوبة الشمس صالح لكلّ من الصلاتين لولا ملاحظة كون هذه قبل هذه ، فمراعاة هذه الجهة صارت سببا لتعقيب وقت العصر عن أوّل الزوال بمقدار مزاحمة الظهر ولانتهاء وقت الظهر من طرف الآخر بمقدار أداء العصر ،
[1] الوسائل : كتاب الصلاة ، الباب 4 من أبواب المواقيت ، الحديث 1 .