والعصر » فإنّ كلمة « إلَّا » إنّما تؤتى بها في مقام يتوهّم من الكلام السابق أمر خلاف الواقع ، فيؤتى بها لأجل دفع ذلك التوهّم . ولا يخفى أنّ الكلام السابق وهو قوله عليه السّلام : « إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر والعصر » لا يوقع في الوهم أنّ الصلاتين يصحّ إتيانهما بأيّ وجه كان ، بل من المعلوم أنّ سوق الكلام لأجل بيان الوقت مع إحالة سائر الشروط والقيود إلى محالَّها . فكما أنّ الطهور شرط ، والقبلة شرط ، كذلك من الشرائط أيضا ترتيب ما بين الصلاتين ، فليس المناسب للمقام الإشارة إلى بيان شرطيّة الترتيب ، كما ليس المناسب الإشارة إلى شرطيّة الطهور والقبلة وغير ذلك . فالذي يناسب مع إتيان كلمة « إلَّا » أن يقال : إنّه وإن كان الوقت بحسب الاقتضاء والصلاحيّة الذاتيّة صالحا لكلّ منهما ، إلَّا أنّه منع الشارع في مقام تشريع الوقت عن الجري على مقتضى هذا المقتضي ملاحظة كون هذه قبل هذه ، فصارت هذه الجهة حكمه لأن يؤخّر في مقام الجعل وقت العصر عن وقت الظهر بمقدار أربع ركعات ، كما صارت حكمة لتخصيص مثل هذا المقدار من آخر الوقت بالعصر ، وعلى هذا يكون الإتيان بكلمة « إلَّا » في كمال السلاسة . وإن أبيت عن ظهور هذه الأخبار ولو مع هذه الضميمة في الاختصاص ، بل هي ظاهرة في الاشتراك وهذه الفقرة جيء بها لأجل بيان شرطيّة الترتيب نقول : لا أقلّ من كونه جمعا عرفيّا ومقبولا في مقام الجمع ، فإنّ الأمر دائر بين هذا التصرّف في هذه الأخبار ، وبين رفع اليد عن المرسلة رأسا ، إذ قد عرفت عدم احتمالها معنى آخر . ويشهد لما ذكرنا أيضا قوله عليه السّلام بعد الفقرة المذكورة : « ثمّ أنت في وقت منهما