لكن هذا كلَّه في غير الأمور التي يعتبر في حقيقة القيام ، وأمّا ما كان كذلك مثل الانتصاب والاستقرار بمعنى ما يقابل المشي حيث إنّ الانحناء وكذا المشي لا يسمّيان قياما ، فلا إشكال في أنّ سهوهما سهو عن القيام الركن . وأمّا الاضطرار إلى تركهما فهل المرجع فيه إلى قاعدة الميسور حيث إنّ القيام الانحنائي وفي حالة المشي وإن كانا خارجين عن مسمّى القيام حقيقة ، إلَّا أنّهما يعدّان ميسورا له عرفا ، نظير قول « أسهد » بالسين المهملة ، حيث إنّه ميسور لقول « أشهد » بالشين المعجمة عرفا وإن كان غير داخل في مصاديقه حقيقة . أو أنّ المرجع حينئذ إلى إطلاقات إرجاع العاجز عن القيام إلى القعود ؟ فعلى الأوّل تكليفه الانتقال إلى القيام الانحنائي أو المشي ، وعلى الثاني الانتقال إلى القعود ، إلَّا أن يكون هنا خبر خاصّ عيّن الانتقال إلى القيامين المذكورين . قد يقال بالثاني ، أعني : الرجوع إلى تلك الإطلاقات ، وذلك لحكومة دليل الميسور على الأدلَّة الأوّلية بناء على الأخذ به في هذه المقامات . وفيه أنّ دليل الميسور وإن كان حاكما على أدلَّة الأجزاء والشرائط المعتبرة في المركَّبات المأمور بها ، إلَّا أنّ حكومتها بالنسبة إلى الإطلاقات الواردة في تعيين القعود عند تعذّر القيام ممنوعة ، فإنّ تلك الإطلاقات متعرّضة لحال التعذّر وأنّ المكلَّف به عند العجز عمّا يسمّى قياما هو القعود ، دون المراتب المتوسّطة بينهما ممّا لا يسمّى باسم أحدهما . فحكومة القاعدة على مثل هذا المضمون محلّ منع ، بل اللازم القول بتخصيص القاعدة بتلك الإطلاقات ، لأخصّيّتها منها مطلقا . وكيف يمكن القول بالحكومة واللازم منه أن يكون الإمام عليه السّلام مع كونه بصدد بيان مراتب تكليف العجزة قد أسقط من البين مرتبة لم يذكرها وهي هذه المراتب