أيضا ، فيقال : إنّ الصحيح ليس المجعول في حقّه إلَّا القيام ، ولكنّه يختلف مراتبه في اعتبار أنحاء القيام ، ففي مرتبة منه يعتبر القيام الاستقلالي الاستقراري ، وهو الصحيح المتمكَّن ، وفي أخرى يعتبر القيام الاستنادي أو القيام الاضطرابي ، وهو الصحيح الغير المتمكَّن كالشيخ الكبير أو العاجز من غير جهة المرض ، فالصحيح بمراتبه يعتبر فيه القيام بأنحائه ، لكن كلّ قسم مختصّ بنحو ، وهذا لا ينافي مع إطلاقه . نعم لو كان مفاده أنّ القيام بجميع أنحائه مجعول في حقّ الصحيح في أيّ مرتبة منه كان منافيا ، لكن أنّى لنا بإثبات هذا المقدار من الدلالة ، وعلى هذا فمقتضى الجمع هو الحكم بالانتقال من القيام ببعض مراتبه إلى بعض آخر من مراتبه ، دون القعود ، والانتقال إلى القعود إنّما يصحّ إذا فرض العجز عن القيام بتمام هذه المراتب الطوليّة . وحينئذ فيجيء الكلام في صورة الترك السهوي لأحد هذه الأمور عند القدرة والتمكَّن منه ، فإنّه إن كان ذلك في القيام الركني أو الشرط للركن يتحقّق البطلان ، نعم تركه العمدي مضرّ على كلّ الحال ، كما أنّ تركه الاضطراري غير مضرّ أصلا كما هو واضح . قلت : الدليل على هذه الأمور على قسمين : الأوّل : شهرة الأصحاب وإجماعاتهم المحكيّة على لسان الأساطين . والثاني : الأدلَّة اللفظيّة . أمّا القسم الأوّل فواضح عدم التعرّض فيه إلَّا لأصل الاعتبار من دون تعرّض لأنّ محلّ اعتباره ما ذا ، فيحتمل فيه الاحتمالات الثلاثة المتقدّمة ، نعم المتيقّن منها إنّما هو الاعتبار في خصوص حال التمكَّن ، وليس على أزيد من ذلك لها دلالة .